للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللباس والطيب والنساء. قال: ويحك! أي شيء يُعدَّد عليه؟ قل: اللهم ما أزراني عندك فأذهبه عني. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ١٩٥].

• وعن يونس بن ميسرة ، قال: ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ولا بإضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وأن تكون حالك في المصيبة وحالك إذا لم تصب بها سواء، وأن يكون مادحك وذامك في الحق سواء. (١)

[جامع العلوم والحكم / ٣٨٩].

• وقال إبراهيم بن الأشعث: سمعت الفضيل يقول: عامة الزهد في الناس - يعني إذا لم يحب ثناء الناس عليه ولم يبال بمذمتهم -. [الحلية (تهذيبه) ٣/ ٨].

• وسئل فضيل بن عياض : ما الزهد في الدنيا؟ قال: القُنوع هو الزهد، وهو الغنى. [موسوعة ابن أبي الدنيا ٥/ ١٣٧].


(١) قال ابن رجب : ففسر الزهد في الدنيا بثلاثة أشياء كلها من أعمال القلوب، لا من أعمال الجوارح، أحدها: أن يكون العبد بما في يد الله أوثق منه بما في يد نفسه، وهذا ينشأ من صحة اليقين وقوّته، فإن الله ضمن أرزاق عباده، وتكفل بها، كما قال تعالى: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦]. وقال تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: ٢٢]. وقال تعالى: ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ﴾ [العنكبوت: ١٧] ......

فمن حقّق اليقين، وثق بالله في أموره كلها، ورضي بتدبيره له، وانقطع عن التعلق بالمخلوقين رجاء وخوفًا، ومنعه ذلك من طلب الدنيا بالأسباب المكروهة، ومن كان كذلك كان زاهدًا في الدنيا حقيقة، وكان من أغنى الناس، وإن لم يكن له شيء من الدنيا .....
والثاني: أن يكون العبد إذا أصيب بمصيبة في دنياه من ذهاب مال، أو ولد أو غير ذلك، أرغب في ثواب ذلك مما ذهب منه من الدنيا أن يبقى له، وهذا أيضًا ينشأ من كمال اليقين .....
والثالث: أن يستوي عند العبد حامده وذامُّه في الحق، وهذا من علامات الزهد في الدنيا، واحتقارها، وقلة الرغبة فيها، فإن من عظمت الدنيا عنده اختار المدح وكره الذمّ، فربما حمله ذلك على ترك كثير من الحق خشية الذمّ، وعلى فعل كثير من الباطل رجاء المدح، فمن استوى عنده حامده وذامه في الحق، دلّ على سقوط منزلة المخلوقين من قلبه، وامتلائه من محبة الحقّ، وما فيه رضا مولاه، كما قال ابن مسعود : اليقين أن لا ترض الناس بسخط الله. وقد مدح الله الذين يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم ..... جامع العلوم والحكم / ٣٨٩، ٣٩٠

<<  <   >  >>