بفرش وطيئة، وإذا هو راقد عليها، وعند رأسه غلام ومذبَّة، فقعد الرازي، وسأله به، وحاتم قائم، فأومى إليه ابن مقاتل اقعد، فقال: لا أقعد، فقال له ابن مقاتل: لعل لك حاجة، قال: نعم! قال وما هي؟ قال: مسألة أسألك عنها، قال: سلني! قال: نعم! فاستو حتى أسألكها، فأمر غلمانه فأسندوه.
فقال له حاتم: علمك هذا من أين جئت به؟ قال الثقات حدثوني به، قال: عن من؟ قال: عن أصحاب رسول الله ﷺ، قال: رسول الله ﷺ من أين جاء به؟ قال: عن جبريل ﵇ قال حاتم: ففيما أداه جبريل عن الله، وأداه إلى رسول الله ﷺ، وأداه رسول الله ﷺ إلى أصحابه، وأداه أصحابه إلى الثقات، وأداه الثقات إليك، هل سمعت في العلم: من كان في داره إشراف وكانت سعتها أكثر، كانت له المنزلة عند الله أكثر؟ قال: لا! قال: فكيف سمعت؟ قال: سمعت أنه من زهد في الدنيا ورغب في الآخرة وأحب المساكين وقدم لآخرته كان له عند الله المنزلة أكثر؟ قال حاتم: فأنت بمن اقتنعت؟ بالنبي ﷺ وأصحابه والصالحين؟ أم بفرعون ونمرود أول من بنى بالجص والآجر.
يا علماء السوء مثلكم يراه الجاهل الطالب للدنيا الراغب فيها، فيقول: العالم على هذه الحالة لا أكون أنا شرًا منه، وخرج من عنده، فازداد ابن مقاتل مرضًا.
فبلغ ذلك أهل الري: ما جرى بينه وبين ابن مقاتل، فقالوا له: يا أبا عبد الرحمن إن الطنافسي بقزوين أكثر شيء من هذا، قال: فسار إليه متعمدًا فدخل عليه فقال: رحمك الله، أنا رجل أعجمي أحب أن تعلمني أول مبتدأ ديني ومفتاح صلاتي، كيف أتوضأ للصلاة، قال: نعم وكرامة، يا غلام، إناء فيه ماء، فأتي بإناء فيه ماء، فقعد الطنافسي فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: يا هذا هكذا فتوضأ. قال حاتم: مكانك يرحمك الله حتى أتوضأ بين يديك فيكون أوكد لما أريد، فقام الطنافسي فقعد حاتم فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا حتى إذا بلغ غسل الذراعين غسل أربعًا فقال له الطنافسي: يا هذا أسرفت، قال له حاتم: فماذا؟ قال: غسلت ذراعيك أربعًا، قال حاتم: يا سبحان الله!! أنا في كف من ماء