للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسرفت، وأنت في هذا الجمع كله لم تسرف؟ فعلم الطنافسي أنه أراده بذلك، لم يرد أن يتعلم منه شيئًا، فدخل إلى البيت فلم يخرج إلى الناس أربعين يومًا.

وكتب إلى تجار الري وقزوين بما جرى بينه وبين ابن مقاتل والطنافسي.

فلما دخل بغداد اجتمع إليه أهل بغداد فقالوا له: يا أبا عبد الرحمن أنت رجل ألكن أعجمي ليس يكلمك أحد إلا قطعته.

قال: معي ثلاث خصال بهن أظهر على خصمي، قالوا: أي شيء هي؟ قال: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ نفسي أن لا أتجهل عليه.

فبلغ ذلك أحمد بن حنبل فقال: سبحان الله ما أعقله قوموا بنا حتى نسير إليه، فلما دخلوا قالوا له: أبا عبد الرحمن ما السلامة من الدنيا؟ قال حاتم: يا أبا عبد الله لا تسلم من الدنيا حتى يكون معك أربع خصال، قال: أي شيء هي يا أبا عبد الرحمن؟ قال: تغفر للقوم جهلهم، وتمنع جهلك عنهم، وتبذل لهم شيئك، وتكون من شيئهم آيسًا. فإذا كان هذا سلمت.

ثم سار إلى المدينة فاستقبله أهل المدينة فقال: يا قوم أي مدينة هذه؟ قالوا: مدينة رسول الله قال: فأين قصر رسول الله فأصلي فيه ركعتين؟ قالوا: ما كان له قصر، إنما كان له بيت لاطئ قال: فأين قصور أصحابه بعده؟ قالوا: ما كان لهم قصور، إنما كان لهم بيوت لاطئة.

قال حاتم: يا قوم فهذه مدينة فرعون وجنوده، فذهبوا به إلى السلطان فقالوا: هذا العجمي يقول: هذه مدينة فرعون وجنوده.

قال الوالي: ولم ذاك؟ قال حاتم: لا تعجل علي، أنا رجل عجمي غريب، دخلت المدينة فقلت: مدينة من هذه؟ قالوا: مدينة رسول الله ، قلت: فأين قصر رسول الله فأصلي فيه ركعتين؟ قالوا: ما كان له قصر، إنما كان له بيت لاطئ، قلت: فلأصحابه بعده، قالوا: ما كان لهم قصور، إنما كان لهم بيوت لاطية، وقال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] فأنتم بمن تأسيتم؟ برسول الله وأصحابه؟ أو

<<  <   >  >>