فإذا باب البيت مفتوح، وإذا ليس في البيت شيء: فقال لي أهل الدار: يا أبا عبد الله ما كان بينك وبين هذا أمس؟ قلت: ما له؟ قالوا: لما خرجتَ من عنده أمس بسط كساءه في وسط البيت، ثم لم يدع في بيته جِلْدًا ولا قالبًا، إلا وضَعه في كسائه، ثم حمله، ثم خرج، فلم ندْر أين ذهب؟.
قال محمد بن المنكدر: فما تركت بالمدينة دارًا أعلمها إلا طلبته فيها، فلم أجده ﵀[صفة الصفوة ٢/ ٥١١].
• وعن بكر بن خنيس ﵀ قال: خرجنا مرة لنستقي، وخرج الأمير والقاضي، فدعا القاضي ثم أذن الأمير للناس بالانصراف، قال: وما نرى في السماء سحابًا وإلى جنبي أسود؟ قال: فالتفت إليه فسمعته يدعو وأعجبت بدعائه، فقال في دعائه لما نظر إلى الناس منصرفين: اللهم اسقنا الساعة وأقلب عبادك مسرورين، قال: فوالله إن كان إلا انقضاء قوله حتى أقبلت السماء بأشد ما يكون من المطر، قال بكر: فحرصت على أن أعرفه أو أدركه فلم أقدر على ذلك. [موسوعة ابن أبي الدنيا ٢/ ٤٠١].
• وعن عمرو السريا ﵀ قال: كنت أُغير في بلاد الروم وحدي، فبينا أنا ذات يوم نائم، ورد علي علج فحركني برجله، فانتبهت فقال: يا عربي، اختر إن شئت مطاعنة، وإن شئت مسايفة، وإن شئت مصارعة.
فقلت: أما المسايفة، والمطاعنة، فلا بقاء لهما، ولكن المصارعة.
فنزل فلم ينهنهني أن صرعني وجلس على صدري فقال: أي قتلة أقتلك؟
فذكرت (الدعاء)(١) فرفعت طرفي إلى السماء فقلت:
أشهد أن كل معبود دون عرشك إلى قرار الأرضين باطل غير وجهك الكريم، قد ترى ما أنا فيه ففرج عني، فأغمي عليَّ ثم أفقت، فإذا الرومي قتيل إلى جنبي.
قال إسحق بن بنت داود: جربته وعلمته الناس، فوجدته نافعًا وهو الإخلاص بعينه. [موسوعة ابن أبي الدنيا ٢/ ١١٩، ١٢٠].
(١) هذه اللفظة ليست في المطبوع، لكن السياق يقتضيه.