للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وعن النضر بن شميل قال: ما رأيت أرحم لمسكين من شعبة إذا رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يتغيب عن وجهه. [الحلية (تهذيبه) ٢/ ٤١٦].

• وعن نوفل بن أبي الفرات قال: كتبت الحجبة إلى عمر بن عبد العزيز ، يأمر للبيت بكسوة، كما يفعل من كان قبله، فكتب إليهم: إني رأيت أن أجعل ذلك في أكباد جائعة، فإنهم أولى بذلك من البيت. [الحلية (تهذيبه) ٢/ ٢٢٥].

• وكان سفيان الثوري يعظم المساكين، ويجفُو أهل الدنيا، فكان الفقراء في مجلسه هم الأغنياء، والأغنياء هم الفقراء. [الجامع المنتخب / ٨٢].

• وعن قبيصة قال: ما رأيت الأغنياء أذل منهم في مجلس سفيان الثوري ، ولا الفقراء أعز منهم في مجلس سفيان الثوري. (١)

[الحلية (تهذيبه) ٢/ ٣٦٣].


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية : كان النبي وخلفاؤه يعدلون بين المسلمين. غنيهم وفقيرهم في أمورهم. ولما طلب بعض الأغنياء من النبي إبعاد الفقراء نهاه الله عن ذلك. وأثنى عليهم بأنهم يريدون وجهه، فقال: ﴿ولَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم﴾ الآية [الأنعام: ٥٢]، وقال: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم﴾ [الكهف: ٢٨]. ولما طلب بعض الفقراء من النبي مالا يصلح له نهاه عن ذلك، وقال: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم). وكانوا يستوون في مقاعدهم عنده، وفي الاصطفاف خلفه، وغير ذلك. ومن اختص منهم بفضل عرف النبي له ذلك الفضل، كما قنت للقراء السبعين، وكان يجلس مع أهل الصفة، وكان أيضًا لعثمان وطلحة والزبير وسعد بن معاذ وأسيد بن الحضير وعباد بن بشر ونحوهم، من سادات المهاجرين والأنصار الأغنياء منزلة ليست لغيرهم من الفقراء، وهذه سيرة المعتدلين من الأئمة في الأغنياء والفقراء. وهذا هو العدل والقسط الذي جاء به الكتاب والسنة، وهي طريقة عمر بن عبد العزيز، والليث بن سعد، وابن المبارك ومالك وأحمد بن حنبل وغيرهم، في معاملتهم للأقوياء والضعفاء والأغنياء والفقراء.
وفي الأئمة كالثوري ونحوه من كان يميل إلى الفقراء، ويميل على الأغنياء مجتهدًا في ذلك طالبًا به رضا الله، حتى عتب عليه ذلك في آخر عمره، ورجع عنه.

وفيهم من كان يميل مع الأغنياء والرؤساء: كالزهري، ورجاء بن حيوة، وأبي الزناد، وأبي يوسف ومحمد وأناس آخرين، وتكلم فيهم من تكلم بسبب ذلك. ولهم في ذلك تأويل واجتهاد، والأول هو العدل والقسط، الذي دل عليه الكتاب والسنة. مجموع الفتاوى ١١/ ٦٠، ٦١

<<  <   >  >>