أُخذت، وقُصد أيضًا ابن الشحنة فهرب إلى السلطان فأخبره بالحال فولاه قضاء الحنفية بالديار المصرية.
ويوم الجمعة تاسع عشرينه وسط الأمير بلاط الناصري مشد الشربخانة وكان قبض عليه يوم الوقعة ومعه أيضًا الأمير بلاط أمير علم وكان المشد يتولى ذبح من يريد السلطان ذبحه فيقال أنه ذبح جماعة كثيرة من المماليك فقتل بذلك.
ويوم السبت خامس عشرينه خلع الخليفة المستعين بالله وهو نازل بالقبيبات السلطان الملك الناصر فرج وجلس على كرسي على باب الدار التي هو نازل فيها في الشارع تجاه الجامع الكريمي لابسًا السواد وهو لباس خطيب الجامع المذكور ووقف بتربة الأمير الكبير نوروز وقبلوا الأرض بين يديه وخلع على بكتمر بنيابة الشام وقرقماس بنيابة حلب وسودون الجلب بنحِابة طرابلس، وركب وبين يديه منادي ينادي بخلع السلطان وتوجه إلى ناحية المصلى ونودي أيضًا في الناحية الشرقية ودار الكلام بين العامة بسبب ذلك النداء أنه أمن من انحرف عند السلطان وأمهلهم إلى يوم الخميس.
ويومئذ وصل طائفة من سوابق الحجاج الغرباء فقيل لي أنهم أُمروا أن ينزلوا عند قبة يلبغا ومن الغد بكرة يوم الأحد سادس عشرينه وصل جمهورهم ووقفوا عند جامع كريم الدين فصار الأمير شيخ يرسل كل طائفة إلى الناحية التي هم منها ولم يمكنهم المرور على القلعة وأنزل المحمل بالجامع الكريمي وكان أميرهم مؤمن فنزل بداره بالقبيبات وتخلف من التجار بمكة لكساد تجارتهم ولعدم مجيء الكارم (١) تاج الدين ابن الشريطي وابن فرح وغيرهما ورجع بدر الدين ابن المزلق ولم يجاوز زيزا وتخلف بناحية أذرعات القاضي الرمثاوي.
(١) الكارمية - نسبة إلى قبائل الكارم وهم فئة من التجار الأفارقة يعيشون حول إقليم تشاد احترفوا الاستيراد والتصدير وكانت ثغور اليمن من أهم نوافذهم التي انتشروا منها إلى شواطئ آسيا وأفريقيا ودليل ثرائهم واتساع نفوذهم أنهم كانوا يقرضون الحكومات.