للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوم حادي عشره خرجت الدراهم الجدد التي ضربت فضة من غير غش عن الصيارف وفي هذا الشهر والذي قبله كثر المرض بدمشق بالصفراء وعمّ جميع النواحي كاد يستوعب أهل كل بيت فتجد الأصحاء أقل من المرضى وتعطلت معايش كثير من الناس ربما لا يوجد فيهم من يخدم مرضاهم ولا يقوم بأمرهم.

وقبل المغرب من يوم الأربعاء عاشره توفي الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة (١) شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ الإمام العلامة شيخ الشافعية عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن خليفة بن خليفة بن عبد العالي ابن الحسباني الدمشقي الشافعي بمنزله بالشرف من المدرسة الماردانية عند الجسر الأبيض وصلي عليه من الغد ضحى النهار على باب المدرسة وحمل إلى الجامع المظفري فصلي عليه به ودفن بتربة الشيخ أبي عمر بسفح الجبل وقد بلغ من العمر خمسًا وستين سنة وسبعة أشهر وأيامًا، اشتغل في صباه بعلم الفرائض وعرفها ثم اشتغل بالعربية على أبي العباس العنابي فبرع فيها وطلب الحديث وقرأه قراءة حسنة وحصل الكتب وفضل في هذا العلم ورحل إلى القاهرة وسمع بها وبدمشق من جماعة من شيوخنا وحصل الأجزاء وضبط الأسماء واعتنى بتحرير المشتبه منها وكتب بخطه أشياء وكان يحضر عنده والده في حلقة الفقه وفهمه جيد صحيح ودرس وأفتى وحكم نيابة مدة ثم بعد الفقه ولي قضاء القضاء استقلالاً وشارك في وظيفة الخطابة ومشيخة الشيوخ وكانت نفسه سامية وعزل غير مرة وامتحن من جهة الدولة وكاد يهلك ثم نجا فلما قدم الناصر وأحيط به توجه إلى ناحية أمير المؤمنين وأعيد إلى القضاء فلما انفصل الأمر واستقر به الحال عزل جميع ما ولي فتوجه إلى العسكر فكتب له كتاب إلى نائب الشام بوظائف عينها فلم يصفى منها إلا على واحدة ثم أخذت منه فكأنه تغير حاله، وكان ولده لا يخالفه وأكثر الفقهاء يحبونه (*).


(١) إنباء الغمر ٧/ ٧٨، الضوء اللامع ١/ ٢٣٧، بهجة الناظرين ١١١ شذرات الذهب ٩/ ١٦٢.
(*) جاء في حاشية الورقة (٢٥٥ ب): أخذ عن ابن كثير وابن رافع وسمع من طائفة من أصحاب ابن البخاري وغيرهم وسمع بمصر من طائفة منهم ..... محمد بن القاسم =

<<  <  ج: ص:  >  >>