طلع الفجر إلا وقد عملت النار في ذلك كله وصارت شيئاً مهولاً وكان ليلتئذ هواء عاصف وصار الشرار والدخان يميل إلى ناحية المدينة بحيث وقع بالجامع وعلى الأسطحة وأحرق بعض الأماكن التي لم تدرك بالطفي.
ويوم الثلاثاء ثالث عشره توجه النائب والعسكر إلى الجهة القبلية لكبس العرب سعيدة وفرير فإنهم يشعثون ويقطعون الطريق، جاءه أبو بكر أمير عرب مري فدله على منازلهم عند جبل بني هلال وركب بين يديه وذهب به على طريق الحرجلة (١) في أطراف البرية، وخرج بعد العصر فوصل إليهم عند ارتفاع النهار عند ..... فما أدركهم حتى عرفوا به وهم راكبون فهربوا إلى البرية فتبعهم طائفة يسيرة فأدركهم فهربوا وتركوا جمالهم ومواشيهم فاستاقها أولئك النفر نحو العرب ورجعوا بها وأدركهم مملوك من مماليك النائب فحمل عليهم ودخل فيهم فكان آخر العهد، وحصل للعسكر عطش شديد وقاسوا شدة وهلك خيل كثير، ورجع العسكر يوم الخميس وقد هلكت خيولهم فإنهم قطعوا هذه المسافة وذلك بالقرب من صرخد ذهاباً وإياباً في مدة يومين وليلتين وبعض يوم.
ويوم الثلاثاء ثالث عشره سافر الأمير إياز إلى الديار المصرية على البريد لطلب السلطان كما قدمنا والناس يدعون عليه لظلمه لهم لا سيما التجار وأصحاب الصنائع.
ويوم الجمعة سادس عشريه أول أيلول وهو السابع عشر من برج السنبلة.
ويوم السبت سابع عشريه بين الظهر والعصر عقد مجلس بالشباك الكمالي بسبب دار الحديث الأشرفية بالجبل فإنها ذكرت في توقيع القاضي الحنبلي ابن منجا وشرطها للمقادسة فقام النابلسي ينازعه فإن معه توقيعاً بها ومحكوم له بنظرها فسأل النائب فأمر بعقد مجلس وحضر الخصمان فقال ابن منجا: أنا أعطيتها لابن مفلح وحضر ابن مفلح، وقال: أنا معي ولاية
(١) الحرجلة - قال ياقوت -من قرى دمشق- معجم البلدان ٢/ ٢٧٧ (٣٥٩٩).