حمله عنه البخاري فاشتغل بالعلم وأخذ عن جماعة منهم كما قرأته بخطه السراج البلقيني -قال وهو أعلاهم- والشهاب الزهري وابن حجي والملكاوي والشرفان الشريشي والغزي والجمال الطيماني والزين القرشي الحافظ والبدر بن مكتوم والشمس الصرخدي وسمع كما بخطه من أبي هريرة بن الذهبي والعلاء بن أبي المجد وابن صديق وكما بخط بعضهم من غيرهم ومن جده الشمس وتدرب في التاريخ بالشهاب بن حجي وله على تاريخه ذيل انتهى فيه إلى سنة أربعين وكذا عمل مختصرًا لطيفًا مفيدًا في طبقات الشافعية استمد فيه بل وفي سائر تعاليقه التاريخية من تصانيف شيخنا ومراسلاته -ابن حجر- حسبما يصرح بالنقل عنه وعليه فيها عدة مؤاخذات، وفنه الذي طار اسم به هو الفقه قد انتهت إليه الرياسة فيه ببلده بل صار فقيه الشام وعالمها ورئيسها ومؤرخها وتصدى للإفتاء والتدريس فانتفع به خلق، وحدث ببلده وببيت المقدس سمع منه الفضلاء أجاز لي ودرس بالسرورية والأمجدية والمجاهدية والظاهرية والناصرية والعذراوية والركنية وغيرها، وناب في تدريس الشاميتين وصار الأعيان في وقته ببلده من تلامذته ورحل إليه من الأماكن النائية، كل ذلك مع الذكاء والفصاحة والشهامة والديانة وحسن الخلق والمحاسن الوافرة، ومن تصانيفه سوى ما تقدم شرح المنهاج سماه كفاية المحتاج إلى توجيه المنهاج ولكنه لم يكمل وقف فيه مكان وقف السبكي في الخلع في أربع مجلدات وشرح التنبيه سماه كافي النبيه، وحج وزار بيت المقدس وناب في القضاء بدمشق مدة ثم استقل به في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين عوضًا عن الكمال ابن البارزي ولم يلبث أن صرف بالبهاء بن حجي لكونه خطب في واقعة أينال الجكمي للعزيز يوسف بن الأشرف برسباي ثم أعيد بعد الونائى في شوال التي تليها وانفصل عن قرب أول سنة أربع وأربعين وانقطع للعلم وسافر قبيل موته بجميع عياله لزيارة بيت المقدس في رمضان وقصد الشهاب أبا البقاء الزبيري بالمدرسة الطولونية لزيارته فقيل أنه تكلم على بعض المحال من البخاري بحضرة المزور بما أبهت به من حضر حتى قال بعضهم لو كان هنا ابن حجر لم يتكلم بأكثر ولا أحسن ويحققوا بذلك تقدمه فيما عدا الفقه أيضًا،