حج في سنة سبع وثلاثين وقدم القدس في المحرم سنة إحدى وخمسين للزيارة ثم عاد إلى أن مات في عصر يوم الخميس عاشر ذي القعدة منها فجأة، وأخرج من الغد بعد أن صلى عليه بعد الجمعة في مشهد حافل لم يعهد نظيره في هذه الأزمان ومشى فيه النائب والحجاب والقضاة ونوابهم والعلماء والفقهاء وسائر الناس ودفن بمقابر باب الصغير عنه أبيه وجده بالقرب من تربة بلال ورؤيت له منامات كثيرة حسنة ذكرها ولده في مجلدة وأفرد من مناقبه أيضًا جملة، ورثى بمراثٍ كثيرة فيها مرثية للشمس القدسي أولها:
عليك تقي الدين تبكي المنازل ... لقد كنت مأمولًا إذا أم نازل
ولمحمد الفراش أولها:
لموتك أيها الصدر الرئيس ... تعطل الدارس والمدروس
ولم يخلف بعده مثله، وكان في يوم الأربعاء درّس بالتقوية وذكر الخلاف في موت الفجأة ثم قال وأنا أختاره لمن هو على بصيرة لأن أقل ما فيه أمن الفتنة عند الموت، ثم ركب منها فلما استوى على بغلته قال لولده البدر والله يا بني ما بقي فينا شيء ثم توجه للناصرية فدرّس بها وجره الكلام إلى فضل الموت يوم الجمعة وليلتها ثم سأل الله الوفاة في ذلك فأجاب الله دعوته فإنه لما كان ثاني يوم بعد العصر وهو جالس يحدّث ولده والقلم بيده وهو يكتب فوضع القلم في الدواة واستند إلى المخدة والتوى رأسه فقام إليه ولده فوجده قد مات بحيث قال ولده والله والله ما أعلم أنه حصل له من ألم الموت ما يحصل من ألم الفصادة إلا دون ذلك رحمه الله وإيانا.