للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في السجن وكان أولاً شاد الدواوين ثم تقرب من السلطان إلى أن جعله استادداره ومكنه من التصرف فحصّل ما لا يحصى كثرة من الأموال عيناً وعقاراً ومستأجرات وتجارات وعمارات ودخل في كل نوع وتعدى ظلمه الخاص والعام، وكان الخاصكية يحطون عليه ولا يلتفت إليهم استادهم إلى أن حصل له مرض أوجب التطلع إلى ماله فتقرب الناس بالنميمة إلى السلطان وأطلعوه على مواضع المال، وكان السلطان سأله عن شيء من ذلك فكتم ففحص عن ذلك فوجد كنوزاً كثيرة ثم صار في كل وقت يظهر له كنز، وقد كتبت ذلك فيما مضى، ثم أخذه وابنه فدفعهما إلى من يعاقبهما على ما بقي فمات بخزانة (١) الشمائل.

ويوم الخميس سابع عشريه وسادس عشرين نيسان أول بشنس، وليلتئذ عند العشاء توفي قاضي القضاة سري (٢) الدين أبو الخطاب المسلاتي بالقاهرة كما سيأتي في الشهر الآتي وصُلي عليه بعد صلاة الصبح من الغد بجامع الحاكم ودفن عند والده بمقبرة الصوفية، ولم يدرك القضاة وغيرهم الصلاة عليه إلا على القبر لتبكيرهم به ودفنهم إياه في الغلس وإنما أدرك الصلاة عليه الشيخ سراج الدين والقاضي صدر الدين، واستقرت خطابة القدس عوضه للقاضي عماد الدين الكركي الذي كان قاضي مصر، وباقي وظائفه باسم ولد له وعين كاتبه لنيابته في تدريس الركنية ونظرها ومشيخة الظاهرية، وعين في تدريس الشامية الجوانية الشيخ شهاب الدين الملكاوي، وولي خطابة القدس القاضي عماد الدين الكركي بعدما سعى في ذلك القاضي بدر الدين ابن أبي البقاء فأُجيب بشرط أن يؤخذ منه تدريس قبة الشافعي، وأُخذ من الكركي ما كان أعطاه القاضي صدر الدين المناوي من وظائف القضاة فأُعطيت مشيخة الحديث بجامع طولون للشيخ زين الدين العراقي ودرس قبة الصالح للشيخ سراج الدين ابن الملقن ونظرها وشهاب الدين النحريري المالكي.


(١) خزانة شمائل - سجن كريه السمعة مكانه الآن جزء من جامع المؤيد بالقاهرة.
(٢) تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٦٤٢، إنباء الغمر ٣/ ٣٦٠، النجوم الزاهرة ١٢/ ١٢٥، شذرات الذهب ٨/ ٦١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>