ويوم الاثنين سابع عشره عند العصر وصل القاضي علاء الدين مرسمًا عليه صحبة بريدي ومعه أيضاً ابن الجواشني وابن قاضي أذرعات وأخبر بذلك النائب فأمر باعتقالهم بالعذراوية ووصل من كان مرافقاً للقاضي علاء الدين في السفر وهو صهره صلاح الدين وأتباعه وكان مدة الغيبة من دمشق شهرًا ونصف وصل في اليوم السادس عشر من خروجه وأقام على الطريق في الرجوع مثل ذلك فإنه أخذ في السير في أول الشهر أو ثانيه وأقام هناك أربع عشر يومًا.
ويوم الخميس العشرين منه عقد مجلس بدار العدل للقاضي علاء الدين بن أبي البقاء بحضرة النائب والقضاة وادعى عليه ببعض ما كانت الدعوى تقدمت وبغيوه وكان قائماً بين يدي النائب ثم أجلس إلى جانب كاتب السر وانفصلوا على غير شئ إلا ما ثبت عليه لجهة المارستان بمقتضى اعترافه ومبلغه أحد وعشرون ألفاً ادعى خصمٌ بعضها.
وليلة الاثنين رابع عشريه أول الليل توفي ..... البعلي (١) المعروف بابن الأقرع بالمدرسة الوجيهية بدمشق وصُلي عليه ضحوة النهار بالجامع وصُلي عليه بباب الفراديس وكانت له جنازة مشهودة حضرها خلق كثير، وكان قدم من سنوات من بعلبك وعرض عليّ مختصر صحيح مسلم للمنذري والمنتقا لابن تيمية امتحاناً على العادة وتعجب الناس من ذلك، وكانت له حافظة جيدة وذكاء وفهم، ثم أخذ يعمل مواعيد عن ظهر قلب بمسجد المغاربة وجعل له ابن وطبة السكري على ذلك معلومًا ثم فارقه، وانتمى إلى شهاب الدين الحاجب فعمل له أيضًا معلوماً على ميعاد بالجامع وهو رباط الحبش وعمل له النائب بتربته أيضاً ميعاد واشتهر عند العوام وكان عنده طلاقة لسان فيما يورده، ولم أسمعه إلا أنه بلغني أمره، فمات مطعوناً انقطع يومين أو ثلاثة.
ومات قبله بيوم أمير يقال له الطنبغا الأينالي.
وكثر الموت بالطاعون في العشر الأخير وفي الغالب أن المطعون
(١) تاريخ ابن قاضي شهبة ٣/ ٦٨٧، إنباء الغمر ٣/ ٤١٧، شذرات الذهب ٨/ ٦٢٣.