وليلة الأربعاء ثالث عشريه وصل سالم ابن شاد (١) الدواوين بالديار المصرية أمير فرج لتحصيل غنم للسلطان للإقامة، فغلا سعر اللحم وبيع الرطل بخمسة وأزيد، وليلتئذ أول أيام العجوز خامس عشرين شباط.
ويوم الأربعاء ثالث عشريه باشر القاضي المالكي برهان الدين التادلي يدرس حلقة ابن صاحب حمص بمحراب الحنابلة وكان صبيحة ليلة مطيرة فلم يحضر معه إلا قليل، وولي أيضًا الشرابيشية ودرس بها يوم الاثنين الآتي، وذلك عوضًا عن الشيخ برهان الدين الصنهاجي، أخذ بذلك توقيعًا من نائب السلطنة، وكان القاضي قد ولى الحلقة لكاتب السر، ويومئذ وصل توقيع بقضاء الحنابلة بدمشق لشمس الدين النابلسي فأضل شهود مجلس الحكم عوضًا عن ابن منجا، ولبس الخلعة من الغد وقرئ تقليده بمحراب الحنابلة على العادة قرأه شرف الدين الأنطاكي، وكان يومًا مطيرًا، وخرج بعد قراءة التوقيع إلى الصالحية ودرس بدار الحديث الأشرفية أخذها في توقيعه، ثم درس يوم الأحد سابع عشريه بالحنبلية، وحضرت عنده وحضر القاضي المالكي وطائفة من فقهاء المذاهب.
ويوم الأحد سابع عشريه أول آذار، وفي أواخره والسلطان بالصالحية وصل إليه كتاب من تمرلنك الذي استولى على بلاد الشرق، جاء مع بريدي، يقال له عين الدين من ماردين: أراد تمرلنك أن يرسل كتابًا، فقال: لا استطيع لأنهم يقتلون الرسل، فقال له صاحب ماردين وكان في أسره: أنا آتيك برجل معروف يرسل معه يوصله، فجاء بالكتاب فإذا فيه:"بسم الملك العلّام وفيه إنّا أهل فساد وقد نزعت الرحمة من قلوبنا وسلطنا الله على من شاء" وأشباه هذا الكلام.
فكتب السلطان جوابه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله، يرد على ما في جوابهم فصلًا فصلًا وكلمة كلمة، وهو كتاب مطول جدًا وفيه إرهاب وتهديد، أخبرني بذلك قاضي القضاة بدر الدين بن
(١) شاد الدواوين - مسؤول كبير مكلف بأداء مهمات كبيرة في الإدارة أو العمارة أو نحوها.