السلطان من القلعة وعرف الناس بذلك قبل العصر فماج الأمراء بعضهم في بعض، وقيل أنه خرج لابس طاقيه مشدود الوسط عليه ملوطه بيضاء من ناحية الباب الذي من جهة القرافة ورآه الأسياد فصاحوا به فقال: أنا تركت لكم الملك وتوجه فاختفى، وقيل أنه اتفق مع دمرداش على أن يتوجه معه إلى الشام ولهذا أعطاه خيلاً كثيرة وذهباً كثيراً ..... وأن هذا كله حيلة باتفاق معه ومع طغري بردي وكثرت الأقاويل في الجهة التي توجه إليها فلما كان بعد العصر اجتمع الأمراء بدار الأمير الكبير بيبرس وأرسل خلف الخليفة المتوكل على الله والقضاة فحضروا كلهم هناك، فجلس الخليفة وعن يمينه القضاة وعن يساره الأمير بيبرس ويليه الأمير يشبك ويليه أينال باي وحضر من الأمراء المشهورين على ما ذكر لي ممن كان حاضراً الأمير سودون المارداني الدوادار والأمير سودون الحمزاوي وسودون الطيار وقطلوبغا الكركي وابنيه وقاني بيه وارغون وبيبرس المحمدي الصغير الفقيه ويلبغا الناصري وجركس المصارع والطنبغا العثماني وتمربغا المشطوب وأزبك خاص جرجي وكان عين لنيابة سيس أو طربوس ويشبك بن أزدمر المقدم ذكره وغيرهم وكاتب السر سعد الدين بن غراب وأخوه الوزير فخر الدين واتفقوا على سلطنة أخي السلطان الناصر واسمه عبد العزيز فأرسلوا إلى باب السلسلة ليفتح ويبايع في الإصطبل كما بويع اخاه وقبلهما أبوهما فامتنع وروجع في ذلك مراراً فيمتنع ويعتذر فركب إليه أخوه بيبرس الفقيه وحصل الاتفاق على فتح الباب فركبوا اجمعون فلما وصلوا الباب توقف ثم استقر الحال على أن لا يدخل لا الخليفة والقضاة والدوادار والأمير الكبير والأمير يشبك وأينال باي وبيبرس الصغير وكاتب السر فأدخلهم واحداً واحداً بعد ما أشرف عليهم وأشهد عليهم بالرضا بذلك وعلى المماليك الأجلاب، نادى رؤوس النواب أهم راضون؟ فقالوا: نعم، ثم أغلق الباب عليهم وذلك بعد الغروب وأحضروا السلطان وسلطنوه وألبسه ابن الغراب السواد وعممّه ولم يفرغوا من أمرهم إلى بعد العشاء، وأصبح الناس وكثير منهم لا يدرون ما وقع ولم يضربوا الطبلخانات والبشائر ولا زينوا البلد، وسكن الناس واستمر السلطان بجميع أرباب الولايات ولم يغير أحداً وعلّم وكتب ومضى الأمر