وليلتئذ ذهب الأمير دمرداش وكان مقيماً بدمشق فاشتهر أنه هرب لما توهم أن الأمير جكم أرسل أو يرسل يطلبه فأرسلوا في أثره فلم يدركوه وكان السبب في ذلك أن الأمير جكم كان يكاتب في هذه المدة لنائب الشام ليأتي إليه لقتال التركمان فكان يرسل إليه يعتذر بأعذار توجب تأخره ثم في آخرها اعتذر بأن أعداءه عنده وهو لا يأمنهم فأجابه عن ذلك، ثم أتاه كتابه يعتب عليه في أشياء ويذكر أنه قد انتصر على العدو ..... لأجله وأشباه هذا الكلام ونسبه إلى أشياء توجب وحشة بينهما وآخر ذلك أنه سأله أن يسير إليه دمرداش ولا بد وأنه لا يزول ما بينهما إلا بإرساله فبلغ ذلك دمرداش فهرب وقيل أنه باتفاق منه فأرسل الجواب بذلك مع قاصد الأمير جكم ولم يرسل أحداً من جهته.
ومن حوادث هذه الأيام الفساد الظاهر من جهة القضاة، أن التاج محمد ابن القاضي شهاب الدين ابن الحسباني بلغه أن النائب رسم بأن يكتب في القاضي علاء الدين ابن أبي البقاء إلى الديار المصرية بأن يعاد إلى القضاء، وبلغني أيضاً أنه كتب في الحنفي القاضي زين الدين ابن الكفري يوم الخميس تاسع عشره فبلغ ابن الحسباني ذلك يوم الجمعة فبادر بإذن والده إلى استدراك هذا الأمر وتوجه إلى دار السعادة وكتب خطه بألف وخمسمائة دينار يعجل منها خمسمائة ويؤخر الباقي إلى حين ..... فوافقوه على ذلك فأخذ في تحصيل ذلك وأرسل إلى الأوقاف يطلب من كل مباشر وقف على حسب ما يقدر عليه وأظهر ذلك في قالب إلزامهم بإقامة الحساب فمنهم من يعطيه ما طلب ومنهم من يصالح على البعض ومنهم بنحوه ولا يعطي وفشت القضية وامتلأت المدينة من إحضار المباشرين بالرسل وظهرت الشماتة وتنوع تحصيل ذلك على وجوه قبيحة منكرة نسأل الله العافية، ووالده المسكين معه كالآلة لا يقدر على مخالفته، ولا يسمع الولد إلا من نفسه ولا يسمع عدلاً ولا يخشى لوماً، قد فتن والده به نعوذ بالله من مكره.
وفي يوم السبت ثامن عشريه جاء الخبر بأن الأمير جكم لما فرغ من قضية نعير واستقر عنده مسجوناً وولي الإمرة ابنه العجل وتوجه العجل إلى