للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخانقاه الكججانية بعد العصر انتزعها من الصدر عبد الرحمن ابن الكفيري وكان وليها من جهة الناظر فأظهر الشيخ شهاب الدين ما بيده من الولاية الشرعية واستفتى في أن الولاية الذي انتزعها منه بما أثبت من أن الواقف ولاه غير صحيحة لأنه غير متصف بشرطه، فلما ولي الناظر الكفيري مكان ذلك إما بنزوله منه على ما قيل أو بغير ذلك، سعى هو ووقف للنائب فرسم له بها فباشرها يومئذ ثم سعى لخصمه فأوجب الأمر أن وقفا للنائب فرد الأمر إلى القاضي فقرئ كتاب الوقف فوجد من شروطه أن يكون غريباً من البلاد الشاسعة فعقد هذا الشرط من الكفري وتوقفوا في الملكاوي لأنه من بلاد قريبة وظهر لي أن الشاسع هو البعيد في اللغة وليس له حد في اللغة وله مردٌ في الشرع وهو مسافة القصر لأن الفقهاء يسمونه مسافة طويلة وربما أطلقوا البعيد على مسافة ثم وجد في شرطه التجريد فقال قاضي القضاة فيها شرط الواقف فقال الملكاوي: أنا حكم لي حنبلي بإسقاط هذا الشرط، فوقف الأمر في ذلك، ووقع من أخي الكفري إساءة أدب ونسب إليه ألفاظ بحق الملكاوي أنكرها وقاموا عليه فحلف ما قال وكادت تجري فتنة، ثم جاء ابن الواقف في الشهر الآتي فأخذ المشيخة والنظر له بالشرط.

ويوم الثلاثاء سابع عشريه قدم بيسق أمير آخور (١) ضحى النهار وأخبر بدخول السلطان الملك الظاهر إلى قلعة الجبل في يوم الاثنين ثاني عشره فضربت البشائر ونودي بتزيين البلد فشرعوا في ذلك واستمر ذلك أسبوعاً.

وجرى في هذا الشهر كائنة غريبة وهي أن الحموي المعروف في بلده بابن المحوجب كان بدمشق مدة سنين يعظ، وناب في النظر بالمرستان إلى آخر أيام الباعوني، ثم ولي قضاء المالكية بحماة لما قدم ابن القفصي دمشق قاضياً والسلطان هنا كان في العام الماضي، توفيت له زوجة وقيل أنها كانت مقتولة وقيل بل معلعونة، وفقدوا جارية لهم فقيل قتلتها وهربت وقيل بل قُتلت أيضاً لشعورها بقتل سيدتها، فخافوا أن تنم، فدفنت المرأة وخمد أمر القضية، فلما كان في هذه الأيام سكن الوالي في القاعة التي كان الحموي


(١) أمير آخور - مسؤول الركائب السلطانية والإصطبل ومتعلقاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>