للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ، (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) فِي النِّكَاحَيْنِ لِانْتِفَاءِ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا لِوُجُودِ التَّعْلِيقِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَذَلِكَ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ (وَلَوْ سَمَّيَا مَالًا مَعَ جَعْلِ الْبُضْعِ صَدَاقًا) كَأَنْ قِيلَ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَأَلْفٌ صَدَاقُ الْأُخْرَى، (بَطَلَ) نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ وَالثَّانِي يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَهْرِ

(وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) ، لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ بَاطِلٌ» وَالْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِهِمَا فِي الِاحْتِيَاطِ لِلْأَبْضَاعِ، وَصِيَانَةِ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: بِحَضْرَةٍ (وَشَرْطُهُمَا حُرِّيَّةٌ وَذُكُورَةٌ وَعَدَالَةٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ) ، فَلَا يَصِحُّ بِحَضْرَةِ مَنْ انْتَفَى فِيهِ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ، (وَفِي الْأَعْمَى وَجْهٌ) أَنَّهُ يَصِحُّ بِحَضْرَتِهِ، وَفِي الصِّحَّةِ بِحُضُورِ الْأَخْرَسِ، وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ قَبُولِهَا وَيَجْرِيَانِ فِي ذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ، وَلَوْ عَقَدَ بِخُنْثَيَيْنِ فَبَانَا ذَكَرَيْنِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَصِحُّ بِمَنْ لَا يَعْرِفُ لِسَانَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يَضْبِطُ اللَّفْظَ فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُهُ إلَى الْحَاكِمِ، وَلَا يَصِحُّ بِالْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَضْبِطُ بِخِلَافِ مَنْ يَحْفَظُ، وَيَنْسَى عَنْ قَرِيبٍ

(وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ) أَيْ النِّكَاحِ (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ بِابْنَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ ابْنِ أَحَدِهِمَا وَابْنِ الْآخَرِ، (وَعَدُوَّيْهِمَا) أَيْ كَذَلِكَ لِثُبُوتِ النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ وَالثَّانِي لَا لِتَعَذُّرِ ثُبُوتِ هَذَا النِّكَاحِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالِانْعِقَادِ فِي الثَّانِيَةِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَدَاوَةَ قَدْ تَزُولُ، وَيَنْعَقِدُ بِابْنَيْهِ مَعَ ابْنَيْهَا، وَبِعَدُوَّيْهِ مَعَ عَدُوَّيْهَا قَطْعًا لِإِمْكَانِ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْبُضْعِ، وَلَا حَاجَةَ لِنَفْيِهِ الشَّامِلِ لَهُ كَلَامُهُ. قَوْلُهُ: (مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ يُوجِبُهُ فَإِنْ شَرَكَ فِي بُضْعِ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى بَطَلَ، فِيمَنْ شَرَكَ فِيهَا وَصَحَّ فِي الْأُخْرَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّعْلِيقِ) قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ الْقَائِلُ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَلْفٌ) فَإِنْ جَعَلَ بُضْعَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ بَطَلَ فِيهَا وَصَحَّ فِي الْأُخْرَى كَمَا مَرَّ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِانْضِمَامِ رِفْقِ الْعَقْدِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَهْرِ) ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَرْفُوضٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ حُرِّيَّةٌ أَيْ حَالَةَ الْعَقْدِ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ، كَأَنْ وَقَعَتْ مِنْ مَرِيضٍ مَرِضَ الْمَوْتِ لِعَبْدِهِ، وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَمْ تَجُزْ الْوَرَثَةُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ، كَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الصِّحَّةِ بِحُضُورِ الْأَخْرَسِ) ذَكَرَهُ وَمَا بَعْدُ لِسُكُوتِهِ عَنْهُ، وَفِي كَلَامِهِ اعْتِذَارٌ بِوُجُودِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ عَدَمُ قَبُولِهَا) أَيْ شَهَادَةِ الْأَخْرَسِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِحُضُورِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (الْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ) أَيْ الْمُخِلَّةُ بِالْمُرُوءَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُمَا حَالَةَ الْعَقْدِ ذَكَرَ أَنَّ فِي الْوَاقِعِ، قَالَ شَيْخُنَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ كَأَنْ بَانَا حُرَّيْنِ أَوْ نَاطِقَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الشَّاهِدَيْنِ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَشْهَدَانِ عَلَى جَرَيَانِ الْعَقْدِ، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الشَّاهِدِ هُنَا عِنْدَ الْعَقْدِ كَالْأَدَاءِ، وَفِي غَيْرِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَقَطْ، لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِهِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ وَسَكَتُوا عَنْ صِحَّتِهِ بِالْجِنِّ وَقِيَاسُ قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ صِحَّتُهُ بِهِمْ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِ بِهِمْ لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِهِ بِهِمْ يُقَالُ عَلَيْهِ هُوَ كَمَوْتِ الشُّهُودِ الْمُعَيَّنِينَ.

قَوْلُهُ: (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) وَكَذَا أَبَوَاهُمَا حَيْثُ عَقَدَ غَيْرُهُمَا؛ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَاقِدًا وَشَاهِدًا مَعًا. قَوْلُهُ: (أَيْ بِابْنَيْ كُلٍّ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ الشَّقِيقَيْنِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَا مِنْ الزَّوْجِ فَقَطْ، أَوْ الزَّوْجَةِ فَقَطْ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ وَاحِدِ وَالْآخَرُ مِنْ الْآخَرِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي عَدُوَّيْهِمَا وَيَلْحَقُ بِالِابْنَيْنِ سَيِّدٌ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ، وَوَلِيٌّ سَفِيهٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لَا بِوَكِيلٍ وَمُوَكَّلٍ فِيهِ مَعًا، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُوَكِّلُ كَإِخْوَةٍ وُكِّلُوا فِي نِكَاحِ أُخْتِهِمْ، فَإِنْ وَكَّلَ أَحَدُهُمْ صَحَّ شَهَادَةُ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَأَنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ فَأَنْكَرَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ ابْنَاهُ أَوْ عَكْسُهُ فَإِنَّهُ تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَيَنْعَقِدُ بِابْنَيْهِ) مَعَ ابْنَيْهَا فَهُمَا أَرْبَعَةُ أَوْلَادٍ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَهُمْ أَرْبَعَةُ أَعْدَاءٍ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ ضَمِيرُ الْجَمْعِ بَعْدَهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا) عَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ الشِّغَارِ، وَبِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ جَعْلُ بُضْعُ كُلٍّ صَدَاقُ الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ نَصُّ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (التَّعْلِيقُ) أَيْ تَعْلِيقُ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَهْرِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ الْخُلُوُّ عَنْ الْمَهْرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْوَسِيطِ حُضُورُ الشُّهُودِ شَرْطٌ لَكِنْ تَسَاهَلْنَا فِي عَدِّهِ رُكْنًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْمَعَا الْعَقْدَ بِالْفِعْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُرِّيَّةٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِمَنْ عَتَقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ قَبْلَ مَرَضِ الْمُعْتِقِ، إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ الْآنَ فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْصٌ فِي الْمَالِ وَرَدَّتْ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَقْوَاتَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْمُعَايَنَةِ وَالسَّمَاعِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) مِثْلُهُمَا الْأَجْدَادُ، وَكَذَا أَبُو الزَّوْجِ وَأَمَّا أَبُو الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، نَعَمْ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَكُونَ أَمَةً، وَزَوْجُهَا السَّيِّدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>