الْعَادَةَ فِي الثَّوْبِ أَنْ يُنْزَعَ وَيُعَادَ فَجُعِلَ عَفْوًا، وَلَوْ تَطَيَّبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ لَزِمَهَا عِدَّةٌ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ فِي وَجْهٍ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّ آدَمِيٍّ فَالْمُضَايَقَةُ فِيهِ أَكْثَرُ (وَأَنْ تُخَضِّبَ الْمَرْأَةُ لِلْإِحْرَامِ يَدَهَا) أَيْ كُلَّ يَدٍ مِنْهَا إلَى الْكُوعِ بِالْحِنَّاءِ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْكَشِفَانِ وَأَنْ تَمْسَحَ وَجْهَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْحِنَّاءِ لِأَنَّهَا تُؤْمَرُ بِكَشْفِهِ فَلْتَسْتُرْ لَوْنَ الْبَشَرَةِ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ. وَيُكْرَهُ لَهَا الْخِضَابُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الشَّعَثِ وَلَا يُخَضِّبُ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى لِلْإِحْرَامِ (وَيَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ لِإِحْرَامِهِ عَنْ مِخْيَطِ الثِّيَابِ) لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَيَتَجَرَّدُ بِالرَّفْعِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّافِعِيِّ بِوُجُوبِ التَّجَرُّدِ لِمَا ذُكِرَ فَهُوَ وَاجِبٌ لِغَيْرِهِ (وَيَلْبَسُ إزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ) جَدِيدَيْنِ وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ (وَنَعْلَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) لِلْإِحْرَامِ وَتُغْنِي عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ. رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ» .
وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ حَدِيثُ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» .
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» اهـ.
وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ (ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ إذَا انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ) أَيْ اسْتَوَتْ قَائِمَةً إلَى طَرِيقِهِ (أَوْ تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ مَاشِيًا) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُهِلَّ حَتَّى انْبَعَثَتْ بِهِ دَابَّتُهُ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَهْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا» (وَفِي قَوْلٍ يُحْرِمُ عَقِبَ الصَّلَاةِ) جَالِسًا. رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ» وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
(وَيُسْتَحَبُّ) (إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ وَرَفْعُ صَوْتِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (بِهَا) بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ (فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْفِدْيَةُ، وَلَا يَضُرُّ تَعَطُّرُ ثَوْبِهِ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ عَكْسُهُ وَلَا مَسُّهُ سَهْوًا وَلَا انْتِقَالُهُ بِنَحْوِ عَرَقٍ. قَوْلُهُ: (فِي وَجْهٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ تُخَضِّبَ الْمَرْأَةُ) أَيْ غَيْرُ الْمُحِدَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالْحِنَّاءِ) خَرَجَ بِهَا التَّسْوِيدُ وَالتَّطْرِيفُ وَالنَّقْشُ فَحَرَامٌ. قَوْلُهُ: (فَلْتَسْتُرْ) أَيْ تُغَيِّرْ وَهَذَا التَّغَيُّرُ لَا يَمْنَعُ مِنْ حُرْمَةِ رُؤْيَةِ الْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُخَضِّبُ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِهِمَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَتَجُوزُ الْحِنَّاءُ لِلصَّبِيِّ كَالْحَرِيرِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي دَوَامِ الْإِحْرَامِ لَا حَالَةَ الْإِحْرَامِ. وَلَا يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِيهِ إذَا نَزَعَهُ حَالًّا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَتَجَرَّدُ) بِالرَّفْعِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ تُفِيدُ الْوُجُوبَ لَا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ الْمُفِيدِ لِلنَّدْبِ. قَوْلُهُ: (بِوُجُوبِ التَّجَرُّدِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ، وَإِنْ كَانَ الْوَجْهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مِنْ أَنَّهُ مَسْنُونٌ. وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ قَائِلِينَ بِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يَحْصُلْ وَلَا يَعْصِي بِالنَّزْعِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ حَالًّا وَجَوَابُ بَعْضِهِمْ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ عَنْ هَذَا بِأَنَّ التَّجَرُّدَ فِي الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّجَرُّدِ قَبْلَهُ فَوَجَبَ كَالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ مَمْنُوعٌ إذْ يَتِمُّ الْوَاجِبُ هُنَا بِالتَّجَرُّدِ حَالَ الْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ وَلَا يُقَاسُ بِالسَّعْيِ الْمَذْكُورِ الْمُفْضِي عَدَمُهُ إلَى الْحُرْمَةِ بِالتَّفْوِيتِ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَجَوَابُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَمَّا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ التَّأْيِيدِ لِلْقَوْلِ بِالنَّدْبِ لَا يُجْدِي نَفْعًا فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَيَلْبَسُ) أَيْ نَدْبًا. قَوْلُهُ: (أَبْيَضَيْنِ) أَيْ نَدْبًا وَيُكْرَهُ الْمَصْبُوغُ وَغَيْرُ الْبَيَاضِ وَلَوْ بَعْضًا وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ قَبْلَ نَسْجِهِ. قَوْلُهُ: (جَدِيدَيْنِ) وَيُنْدَبُ غَسْلُهُمَا مَعَ تَوَهُّمِ نَجَاسَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيُصَلِّي) أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ وَلَوْ امْرَأَةً وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ. وَيُنْدَبُ كَوْنُهُمَا فِي مَسْجِدٍ كَمَا مَرَّ وَيُسِرُّهُمَا وَلَوْ لَيْلًا. قَوْلُهُ: (وَيُغْنِي عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ) وَكَذَا نَافِلَةٌ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ قَوْلُهُ: (أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) نَعَمْ لِلْخَطِيبِ يَوْمَ السَّابِعِ أَنْ يَخْطُبَ مُحْرِمًا فَقَدْ تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ عَلَى سَيْرِهِ بِيَوْمٍ لِأَنَّهُ فِي الثَّامِنِ. قَوْلُهُ: (إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ) وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ لِقَادِرٍ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَتُكْرَهُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ. قَوْلُهُ: (وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا) نَعَمْ يُنْدَبُ فِي التَّلْبِيَةِ الْأُولَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ، وَلَا يُنْدَبُ الرَّفْعُ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ حَصَلَ تَشْوِيشٌ عَلَى مُصَلٍّ أَوْ ذَاكِرٍ أَوْ قَارِئٍ أَوْ نَائِمٍ كُرِهَ الرَّفْعُ بَلْ يَحْرُمُ إنْ تَأَذَّى بِهِ أَذًى لَا يُحْتَمَلُ.
قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى
[حاشية عميرة]
بِكَشْفِهِمَا اهـ. وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. قَوْلُهُ: (وَيَتَجَرَّدُ بِالرَّفْعِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ التَّجَرُّدُ وَاجِبًا وَجَوَّزَ غَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَطْفًا عَلَى مَا سَلَفَ، فَيَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَيُبَادِرُ بِالنَّزْعِ عَقِبَ الْإِحْرَامِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَشَرْحِ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَيْ اسْتَوَتْ قَائِمَةً) قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا مَعْنَى الِانْبِعَاثِ وَلَكِنَّ الْأَصْحَابَ عَبَّرُوا عَنْهُ بِالْأَخْذِ فِي السَّيْرِ. قَوْلُهُ: (رُفْقَةٌ) هُمْ الْجَمَاعَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute