للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَوْفَةٍ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ» . (وَأَنْ «يَقُولَ أَوَّلَ طَوَافِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَقَوْلُهُ: إيمَانًا مَفْعُولٌ لَهُ لِأَطُوفُ مُقَدَّرًا (وَلْيُقَبِّلْ قُبَالَةَ الْبَيْتِ: اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُك، وَالْحَرَمَ حَرَمُك، وَالْأَمْنَ أَمْنُك، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ) وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، وَهَذَا الدُّعَاءُ أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعَ دُعَاءٍ عَنْ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، وَدُعَاءٍ تَحْتَ الْمِيزَابِ، وَدُعَاءٍ بَيْنَ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِي وَأَسْقَطَهَا جَمِيعَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ. وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ: « {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] » رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ: " سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُهُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ " وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ " رَبَّنَا " وَفِي الرَّوْضَةِ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ (وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) فِيهِ (أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ) فِيهِ (أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورِهِ) وَفِي وَجْهٍ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ مَأْثُورِهِ أَيْضًا (وَأَنْ يَرْمُلَ

ــ

[حاشية قليوبي]

بَعْضُهُمْ تَثْلِيثَ الْإِشَارَةِ وَالتَّقْبِيلَ لِمَا أَشَارَ بِهِ أَيْضًا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ السُّنَنَ لَا تَخْتَصُّ بِمَنْ يَطُوفُ فَرَاجِعْهُ. وَحِكْمَةُ تَفَاوُتِ الْأَرْكَانِ أَنَّ رُكْنَ الْحَجَرِ فِيهِ فَضِيلَتَانِ: الْحَجَرُ وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِي الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا وَخُلُوُّ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ عَنْهُمَا. قَوْلُهُ: (أَوَّلَ طَوَافِهِ) أَيْ أَوَّلَ كُلِّ طَوْفَةٍ مِنْ طَوَافِهِ وَالْأُولَى آكَدُ. وَاسْتَحَبَّ أَبُو حَامِدٍ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ. قَوْلُهُ: (وَوَفَاءً بِعَهْدِك) أَيْ بِمَا أَمَرْتنَا بِهِ وَنَهَيْتنَا عَنْهُ أَوْ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَلَسْت بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا بَلَى فَأَمَرَ أَنْ يُدْرَجَ ذَلِكَ الْعَهْدُ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ» . وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مُؤَلَّفِنَا الْمُشَارِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (الْبَابِ) وَارْتِفَاعُهُ فَوْقَ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ وَعَرْضُ عَتَبَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذِرَاعٍ. قَوْلُهُ: (وَيُشِيرُ) أَيْ بِقَلْبِهِ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي هُوَ مِنْ الْجَنَّةِ كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. وَسُمِّيَ مَقَامًا لِأَنَّهُ قَامَ عَلَيْهِ حِينَ نَادَى بِالْحَجِّ كَمَا مَرَّ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يَضَعَ الْحَجَرَ ثُمَّ يَهْبِطَ بِهِ حَتَّى يَأْخُذَ مَا يَبْنِي بِهِ وَهَكَذَا، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ يُشِيرُ إلَى مَقَامِ نَفْسِهِ وَضَعَّفُوهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ دُعَاءٍ عِنْدَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ) وَهُوَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ. قَوْلُهُ: (تَحْتَ الْمِيزَابِ) وَهُوَ: اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك، وَاسْقِنِي بِكَأْسِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. قَوْلُهُ: (وَدُعَاءٍ بَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ) وَهُوَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَيْ مَا أَنَا فِيهِ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا أَيْ وَاجْعَلْ سَعْيِي فِي طَاعَتِك مَشْكُورًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ يَا عَزِيزُ يَا غَفُورُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُعْتَمِرُ يَقُولُ: عُمْرَةً مَبْرُورَةً وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ. وَيُنَزَّلُ الْحَجُّ فِي كَلَامِ الْمُعْتَمِرِ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْقَصْدُ أَوْ الزِّيَارَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَقْرَبُ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهَا جَمِيعَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ) وَلَعَلَّ إسْقَاطَهُ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْآتِي. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ اللَّهُمَّ آتِنَا إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَأُحِبُّ أَنْ يُقَالَ فِي جَمِيعِ الطَّوَافِ.

وَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْوَارِدُ، وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَالرَّوْضَةِ سَهْوٌ وَلِذَلِكَ تَعَرَّضَ الشَّارِحُ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلْيَدْعُ) أَيْ فِي خِلَالِ الذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ فَرَاغِ كُلِّ دُعَاءٍ فِي مَحَلِّهِ أَوْ بِتَرْكِهِ تِلْكَ الْأَدْعِيَةَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ، وَيُكْرَهُ فِيهِ مَا يُحْرَمُ أَوْ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ أَيْ فِي مَحَالِّهِ الْمَخْصُوصَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْقِرَاءَةُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ أَنَّهَا) أَيْ الْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ

ــ

[حاشية عميرة]

وَالشَّامِيَّانِ خَالِيَانِ عَنْ هَذَيْنِ اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ خَاصٌّ بِمَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالشَّامِيِّ كَمَا سَلَفَ قَرِيبًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ اللَّهُمَّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ، وَهُوَ الْوَارِدُ وَقَدَّسَهَا فِي الرَّوْضَةِ فَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) أَيْ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ فِيهِ أَفْضَلُ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ، وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>