للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَصْحُوبِ بِالذَّنْبِ، قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. (وَأَنْ يَضْطَبِعَ فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ يَرْمُلُ فِيهِ، وَكَذَا فِي السَّعْيِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ جَعْلُ وَسَطِ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى) مَنْكِبِهِ (الْأَيْسَرِ) كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الضَّبُعِ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْعَضُدُ

رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ، فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ، وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ الْيُسْرَى» وَقِيسَ السَّعْيُ عَلَى الطَّوَافِ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكَرُّرِهَا سَبْعًا، وَمُقَابِلُهُ يَقِفُ مَعَ الْوَارِدِ (وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَضْطَبِعُ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ. (وَأَنْ يَقْرُبَ مِنْ الْبَيْتِ) تَبَرُّكًا بِهِ (فَلَوْ فَاتَ الرَّمَلُ بِالْقُرْبِ لِزَحْمَةٍ، فَالرَّمَلُ مَعَ بُعْدٍ أَوْلَى) لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَالْقُرْبُ مُتَعَلِّقٌ بِمَوْضِعِهَا (إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ) بِحَاشِيَةِ الْمَطَافِ (فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى) تَحَرُّزًا عَنْ مُصَادَمَتِهِنَّ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَيْضًا نِسَاءٌ يُخَافُ مُصَادَمَتُهُنَّ فِي الرَّمَلِ فَتَرْكُهُ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ مَنْ يَفُوتُهُ الرَّمَلُ مَعَ الْقُرْبِ لِزَحْمَةٍ يَرْجُو فُرْجَةً وَقَفَ لِيَجِدَهَا فَيَرْمُلُ فِيهَا (وَأَنْ يُوَالِيَ طَوَافَهُ) وَفِي قَوْلٍ: تَجِبُ مُوَالَاتُهُ، كَمَا سَيَأْتِي، فَيَبْطُلُ بِالتَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ تَرْكُهُ الطَّوَافَ وَلَوْ أُقِيمَتْ الْمَكْتُوبَةُ وَهُوَ فِيهِ فَتَفْرِيقُهُ فِيهَا تَفْرِيقٌ بِعُذْرٍ. (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَقْتٍ لَا ذِكْرَ فِيهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ) فَلَوْ فَعَلَتْهُ لَمْ يَحْرُمْ بَلْ يُكْرَهُ.

وَفِي الْبُرُلُّسِيِّ: أَنَّهُ مُبَاحٌ مَا لَمْ تَقْصِدْ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ. قَوْلُهُ: (مَعَ بُعْدٍ أَوْلَى) سَوَاءٌ أَوَّلَ طَوَافِهِ وَآخِرَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَيُنْدَبُ فِي الْقُرْبِ الِاحْتِيَاطُ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ بُعْدُهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ. وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ. نَعَمْ الطَّوَافُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ مَكْرُوهٌ، فَقُرْبُهُ عَنْهَا مَعَ تَرْكِهِ الرَّمَلَ أَوْلَى حِينَئِذٍ.

تَنْبِيهٌ: يُكْرَهُ فِي الطَّوَافِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْبُصَاقُ وَتَفَرْقُعُ الْأَصَابِعِ وَتَشْبِيكُهَا وَتَكْتِيفُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَكَوْنُهُ حَاقِبًا أَوْ حَاقِنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَأْتِي هُنَا. وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مُنْتَقِبَةً، وَقَطْعُهُ لِصَلَاةِ فَرْضِ كِفَايَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا عُذْرَ وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ وَجَبَ تَدَارُكُهُ إلَّا إنْ تَحَلَّلَ، كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا، وَفِيهِ بَحْثٌ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ وَالصَّلَاةِ فَرَاجِعْهُ.

وَدَخَلَ فِي عَدَمِ الْمُوَالَاةِ مَا لَوْ فَرَّقَ الْأَشْوَاطَ الْأَرْبَعَةَ عَلَى الْأَيَّامِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَخَالَفَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

فَرْعٌ: التَّطَوُّعُ بِالصَّلَاةِ فِي زَمَنٍ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ) وَيُنْدَبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ، وَسُمِّيَ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَتْنِ: (فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِأَشْوَاطِ الرَّمَلِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ يَعُمُّ السَّبْعَةَ بِخِلَافِ السَّعْيِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ لَابِسَ الْمِخْيَطِ لِعُذْرٍ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الِاضْطِبَاعُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا فِي السَّعْيِ) بِخِلَافِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، لِأَنَّ هَيْئَةَ الِاضْطِبَاعِ مَكْرُوهَةٌ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يُطْلَقُ مِنْهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَوْفُ مُخَالَطَةِ النِّسَاءِ فِي مَعْنَى لَمْسِهِنَّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يُوَالِيَ إلَخْ) وَجْهُ عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا فَلَمْ تَجِبْ مُوَالَاتُهَا كَالْوُضُوءِ.

فَرْعٌ: لَوْ فَرَّقَ الْأَشْوَاطَ عَلَى الْأَيَّامِ أَوْ جَزَّأَ الشَّوْطَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: جَازَ وَمَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَذَكَرَ نُصُوصًا عَنْ الشَّافِعِيِّ صَرِيحَةً فِي الْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ مُوَالَاتُهُ إلَخْ) إنْ قُلْت مَا وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي قُلْت: لِيُعْلِمَك أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ فِي التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ بِنِيَّةٍ وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا كَالطَّوَافِ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ تَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهَا بِجَرَيَانِ النِّيَابَةِ فِيهَا فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَلْفَ الْمَقَامِ) أَيْ فَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>