للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَفْسِهِ كَالْمُؤَبَّرِ فِيمَا ذَكَرَ. (وَإِذَا بَقِيَتْ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ) بِالشَّرْطِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَ (فَإِنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَزِمَهُ وَإِلَّا) بِأَنْ شُرِطَ الْإِبْقَاءُ أَوْ أُطْلِقَ (فَلَهُ تَرْكُهَا إلَى) زَمَنِ (الْجِدَادِ) لِلْعَادَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ فِي الصِّحَاحِ الْقَطْعُ.

وَمَسْأَلَةُ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ الصَّادِقِ بِهَا اللَّفْظُ مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. وَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْجِدَادِ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُ الثَّمَرَةِ عَلَى التَّدْرِيجِ وَلَا مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى نِهَايَةِ النُّضْجِ. وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ كُلِّفَ الْقَطْعُ عَلَى الْعَادَةِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْإِبْقَاءِ (السَّقْيُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ وَلَا مَنْعَ لِلْآخَرِ مِنْهُ، وَإِنْ ضَرَّهُمَا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا) أَيْ ضَرَّ الشَّجَرَ وَنَفَعَ الثَّمَرَ أَوْ الْعَكْسُ (وَتَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَبَايَعَانِ فِي السَّقْيِ (فُسِخَ الْعَقْدُ) لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَّا بِالْإِضْرَارِ بِأَحَدِهِمَا (إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْمُتَضَرِّرُ) فَلَا فَسْخَ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ: لِطَالِبِ السَّقْيِ) وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ (أَنْ يَسْقِيَ) وَلَا يُبَالِي بِضَرَرِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ حِينَ أَقْدَمَ عَلَى هَذَا

ــ

[حاشية قليوبي]

لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَلَوْ بَاعَ بُسْتَانًا فِي عَقْدٍ وَفِيهِ نَخْلٌ وَعِنَبٌ وَتَأَبَّرَ النَّخْلُ وَحْدَهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَلَا يَتْبَعُهُ الْعِنَبُ بَلْ هُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْحِمْلِ فَلَا يَتْبَعُ أَحَدُ الْحِمْلَيْنِ الْآخَرَ كَمَا فِي التِّينِ، وَغَيْرِهِ. نَعَمْ لَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَ لَهُ ثَمَرُهَا ثُمَّ أَثْمَرَتْ بِحِمْلٍ آخَرَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ وَإِلْحَاقًا لِلنَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُهُ كُلُّ شَجَرٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً كَمَا قِيلَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْعِنَبِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ الْبَائِعَ الْقَطْعُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَرُ مُنْتَفَعًا بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعِيبًا بَلْ هُوَ اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ، فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ فَتَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا بُطْلَانُ الْعَقْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَرُ مُنْتَفَعًا بِهِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا، وَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى تَكْلِيفِ الْقَطْعِ كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْعَادَةِ) تَعْلِيلٌ لِلزَّمَنِ لَا لِلتَّرْكِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالشَّرْطِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْجِيمِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ.

قَوْلُهُ: (وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ إعْجَامَهُمَا أَيْضًا وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ وَفِيهَا أَيْضًا جَوَازُ إهْمَالِ أَحَدِهِمَا وَإِعْجَامِ الْآخَرِ خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَسَيَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ. قَوْلُهُ: (مَزِيدَةٌ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ اللَّفْظِ لَهَا إذْ حُكْمُهَا مَعْلُومٌ مِنْ الْإِطْلَاقِ بِالْأَوْلَى وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ سُكُوتِ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ إلَخْ) فَإِنْ أَخَّرَ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ لِمَا بَعْدَ الْعَادَةِ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ.

قَوْلُهُ: (عَلَى التَّدْرِيجِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْهُ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا حَيْثُ كَانَتْ عَادَةً، وَقَدْ يُجْعَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْعَادَةِ رَاجِعًا لَهُ أَيْضًا وَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) يُفِيدُ أَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهَا فِي لُزُومِ الْقَطْعِ مَا لَوْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ وَتَضَرَّرَ الشَّجَرُ أَوْ أَصَابَ الثَّمَرَةَ آفَةٌ وَلَا نَفْعَ بِبَقَائِهَا. قَوْلُهُ: (إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ) أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَضُرَّ الْآخَرُ وَيُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَضُرَّهُمَا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ضَرَّهُمَا) قَدْ يُرَادُ بِهِ عَدَمُ نَفْعِهِمَا بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ انْتَقَى النَّفْعَ وَالضَّرَرَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِرِضَاهُمَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَقِّهِمَا وَإِنْ حُرِّمَ مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَمَعْنَى عَدَمِ الْجَوَازِ الْمَنْعُ وَهَذَا فِي الرَّشِيدِ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ضَرّ أَحَدَهُمَا) أَيْ وَنَفَعَ الْآخَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الْحَاكِمُ قَالَهُ حَجّ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ أَنَّ الْفَاسِخَ الْمُتَضَرِّرَ مِنْهُمَا، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَالْحَاكِمُ: أَوْ الْمُتَضَرِّرُ.

تَنْبِيهٌ: يُمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ دُخُولِ الْبُسْتَانِ وَالسَّقْيِ مِمَّا اُعْتِيدَ السَّقْيُ مِنْهُ وَلَوْ مِنْ بِئْرٍ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ النَّفْعِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ الْبَيْعِ وَلَوْ لَمْ يَأْمَنْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ نَصَّبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْمَنْ وَلَوْ لَمْ يَسْقِ الْبَائِعُ وَطَلَبَ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يُسْقَى بِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

الطَّبْعِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ كَأَنْ بَاعَهُ نَخْلَهُ وَنَخْلَ غَيْرِهِ، وَأَحَدُهُمَا مُؤَبَّرٌ دُونَ الْآخَرِ، فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَإِنْ اتَّحَدَ الْبُسْتَانُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ لَعَلَّ مِنْهَا أَنَّهُ كَبَيْعِ عَبِيدٍ جَمْعٍ بِثَمَنٍ فَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (لِلْعَادَةِ) لَمْ يَقُلْ وَوَفَاءً بِالشَّرْطِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا اُحْتُمِلَ هُنَا نَظَرًا لِلْعَادَةِ ثُمَّ نَظِيرُ هَذَا اعْتِبَارُ النَّقْدِ الْغَالِبِ وَالْمَنَازِلِ الْمُعْتَادِ فِي الْإِجَارَةِ لِلرُّكُوبِ.

قَوْلُهُ: (وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِعْجَامِهِمَا أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>