وتسمى سورة حم عسق، وسورة حم سق، مكية ثلاث وخمسون آية، ثمانمائة وست وثمانون كلمة، ثلاثة آلاف وخمسمائة وثمانية وثمانون حرفا
حم (١) عسق (٢) اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما وعدا آيتين. وقرأ ابن عباس وابن مسعود «حم سق» ، وهما خبران لمبتدأ محذوف. كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) أي مثل ما في السورة من المعاني أوحى الله القادر على ما لا نهاية له، العالم بجميع المعلومات الغني عن جميع الحاجات إليك في سائر السور وإلى من قبلك من الرسل في كتبهم.
وقرأ ابن كثير «يوحي» بالبناء للمفعول. ويروى أيضا عن أبي عمرو على أن «كذلك» مبتدأ و «يوحي» خبره المسند إلى ضمير عائد عليه واسم الجلالة مرفوع بما دل عليه «يوحي» ، أي الموحي الله. وقرأ أبو حيوة والأعمش وأبان «نوحي» بنون العظمة، فاسم الجلالة مبتدأ، وعلى هاتين القراءتين فالوقف على من قبلك كاف بخلاف قراءة الجمهور فلا يوقف عليه، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فكل من كان موجودا في السموات فهو عبد الله، فوجب أن يكون الله منزها عن الكون في المكان والجهة، والعرش والكرسي، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) أي هو المتعالي عن مشابهة الممكنات، ومناسبة المحدثات، العظيم بالقدرة وكمال الإلهية فهو تعالى أعلى كل شيء وأعظم كل شيء، تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ أي يتشققن من هيبة الله تعالى وعظمته، ويبتدئ التشقق من جهتهن الفوقانية.
قرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر «تكاد» بالتاء «ينفطرن» بنون ساكنة بعد الياء، وابن كثير وابن عامر وحمزة، وحفص عن عاصم «تكاد» بالتاء «يتفطرن» بالتاء المفتوحة بعد الياء، ونافع والكسائي «يكاد يتفطرن» بالتاء، ومن قرأ «تكاد» بالتاء الفوقية يجوز الوجهين في ينفطرن، ومن قرأ «يكاد» بالياء التحتية لا يقرأ «يتفطرن» إلا بالتاء الفوقية. وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أي والملائكة ينزهون الله تعالى عمّا لا ينبغي ملتبسين بوصفه تعالى بكونه مفيضا لكل الخيرات، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أي يطلبون تجاوز الذنوب عن المؤمنين وتأخير العقوبة عن