مكية، ثمان آيات، أربع وثلاثون كلمة، مائة وخمسون حرفا
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) هما ثمران معلومات أقسم الله بهما لما فيهما من المصالح والمنافع، فإن التين فاكهة طيبة لا عجم له وغذاء لطيف سريع الهضم ودواء كثير النفع يلين الطبع ويحلل البلغم، ويسمن البدن، ويفتح سدد الكبد والطحال، ويقطع البواسير والزيتون فاكهة وآدام ودواء، وقال ابن زيد: التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس، وقال محمد بن كعب: التين مسجد أصحاب أهل الكهف، والزيتون مسجد إيليا، وعن ابن عباس: التين مسجد نوح المبني على الجودي، والزيتون مسجد بيت المقدس، وقال الضحاك: التين المسجد الحرام، والزيتون المسجد الأقصى، وعن الربيع: هما جبلان بين همذان وحلوان، وقال كعب: التين دمشق والزيتون بيت المقدس، وقال شهر بن حوشب: التين الكوفة والزيتون الشام، وَطُورِ سِينِينَ (٢) وهو جبل ثبير وهو جبل بمدين الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام، وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) وهو مكة فهو أمين من أن يهاج فيه على من دخل فيه. لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) أي كائنا في أحسن ما يكون من تعديل صوره ومعنى فإنه تعالى خلقه مستوي القامة متناسب الأعضاء متصفا بأكمل عقل، وفهم، وعلم، وأدب إذا تكامل شبابه، ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) أي حال كونه أسفل سافلين أي حيث لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلا لضعف بدنه وسمعه وبصره وعقله، فلا يكتب له وقتئذ حسنة أو رددناه مكانا أسفل سافلين، وهو النار، وقرأ عبد الله أسفل «السافلين» معرفا، والسافلون هم الضعفاء والزمنى والصغار فالشيخ الكبير أسفل من هؤلاء جميعا إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) وهذا الاستثناء على القول الأول منقطع، والمعنى: ثم رددناه أسفل ممن سفل بعد ذلك التحسين في أحسن الصورة حيث نكسناه في خلقه فقوس ظهره وضعف بصره، وسمعه، ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم أو فلهم أجر غير ممنون به عليهم، أما على القول الثاني فهو متصل من ضمير رددناه فإنه في معنى الجمع