وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) أي ذات المحال الاثني عشر، والطرق التي تسير فيها الكواكب السبعة وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) ، وهو يوم القيامة فإن الله تعالى وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه، وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) فالشاهد من يحضر في ذلك اليوم من الخلائق، والمشهود ما في ذلك اليوم من العجائب. قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) وهذا دليل جواب قسم محذوف، والتقدير: أقسم بهذه الأشياء إن كفار مكة ملعونون كما لعن أصحاب الأخدود، وقيل: إن الجواب قوله تعالى: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج: ١٢] . والأخدود شق مستطيل في الأرض كالنهر، وذكر أن طوله أربعون ذراعا وعرضه اثنا عشر ذراعا. وأصحاب الأخدود هم أناس كانوا بمدارع اليمن كما قاله قتادة عن علي، أو هم الحبشة كما قاله الحسن عن علي أيضا. النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) من النفط، والزفت، والحطب.
وقرئ بضم الواو بمعنى الاتقاد وقوله:«النار» بدل اشتمال من الأخدود، ثم إن أصحاب الأخدود إما الجبابرة الذين قتلوا المؤمنين، فحينئذ إن قوله تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ إما خبر فالمعنى: أن أولئك القاتلين قتلوا بالنار على القول بأن الجبابرة لما أرادوا قتل المؤمنين بالنار عادت النار عليهم فقتلتهم فهم في تلك الحالة كانوا ملعونين، فالمعنى: أنهم خسروا الدنيا والآخرة، أو دعاء عليهم أي لعن أصحاب الأخدود، وإما المؤمنون المقتولون بالإحراق بالنار.
فيكون قوله تعالى: لعن أصحاب الأخدود خبرا لا دعاء. إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) ظرف ل «قتل» أي لعنوا حين كانوا جالسين على شفير النار يعذبون المؤمنين، فإن النار ارتفعت إليهم فهلكوا، أو يقال لعنوا إذ المؤمنون مطرحون على النار، وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) أي وهؤلاء الكفار مع ما يفعلون بالمؤمنين من الإحراق بالنار حضور لم تحصل في قلوبهم، شفقة ولا رأفة لغاية قسوة قلوبهم والوقف هنا تام إن جعل جواب القسم قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ بتقدير لقد وجائزا لطول الكلام إن جعل جواب القسم إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج: ١٢] .
روى مسلم عن صهيب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كان الملك فيمن قبلكم ساحر فلما كبر قال