وتسمى سورة التساؤل، وسورة عم، مكية، أربعون آية، مائة وثلاث وسبعون كلمة، سبعمائة وسبعون حرفا
عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) أي عن أيّ شيء يتساءل أهل مكة فيما بينهم إنكارا واستهزاء عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) قوله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ سؤال، وقوله: عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ جواب. فالسائل والمجيب هو الله تعالى، ونظيره قوله تعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [غافر: ١٦] .
الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) والخبر العظيم هو يوم القيامة، فمنهم من جزم باستحالته فيقول: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا، وما يهلكنا إلا الدهر، وما نحن
بمبعوثين. ومنهم من شك في وقوعه فيقول: ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا، وما نحن بمستيقنين. وقيل: الخبر العظيم هو القرآن فإن بعضهم جعله سحرا، وبعضهم جعله شعرا، وبعضهم قال: إنه أساطير الأولين.
روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما دعاهم إلى التوحيد، وأخبرهم بالبعث بعد الموت، وتلا عليهم القرآن، جعلوا يتساءلون بينهم فيقولون: ماذا جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم! ويسألون الرسول والمؤمنين عنه استهزاء. وقيل: النبأ العظيم هو نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم وذلك لأنهم عجبوا من إرسال الله محمدا إليهم. وقرأ عكرمة وعيسى بن عمر عما بالألف على الأصل. وعن ابن كثير أنه قرأ عمه بها السكت. كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٥) ، أي ليرتدعوا عمّا هم عليه، فإنهم سيعلمون عمّا قليل حقيقة الحال، إذا حل بهم العذاب والنكال، وسيعلمون أن ما يتساءلون عنه ويضحكون منه حق لا دافع له، واقع لا ريب فيه. وقال القاضي: سيعلمون نفس الحشر والمحاسبة، وسيعلمون نفس العذاب إذا شاهدوه. وقال الضحاك: أي سيعلم الكفار عاقبة تكذيبهم، وسيعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم. وروي عن ابن عامر «ستعلمون» بالتاء المنقطة من فوق، أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) أي فراشا. وقرئ «مهدا» أي مناما، وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) للأرض حتى لا تميد بأهلها وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) ذكورا وإناثا، وقبيحا، وحسنا، وطويلا، وقصيرا. وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) أي قطعا للتعب، أو نوما منقطعا، فإن النوم بمقدار الحاجة من أنفع الأشياء، أما