للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ قالون «ارجه» بغير همز، وباختلاس كسرة الهاء وورش والكسائي بإشباع كشرة الهاء، وابن كثير وهشام بالهمزة الساكنة، وبصلة الهاء المضمومة. وأبو عمرو بضم الهاء مع الاختلاس وابن ذكوان بالهمز وكسر الهاء مع الاختلاس. وعاصم وحمزة بغير همز وإسكان الهاء وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦) أي أنفذ إلى مدائن الساحرين شرطا يحشرهم وذلك لظنهم إذا كثر السحرة غلبوا موسى عليه السلام وكشفوا حاله. يَأْتُوكَ أي الحاشرون بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧) أي فائق في فن السحر على موسى، فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨) أي في زمان يوم معروف، وفي مكان معروف. وعن ابن عباس: وافق يوم السبت من أول يوم النيروز وهو أول سنتهم. وعن ابن عباس قال: كانت السحرة سبعين رجلا وسمى ابن إسحاق رؤساءهم: سابورا وغادور وخطخط ومصفى وشمعون. وعن ابن جرير كان اجتماعهم بالإسكندرية. وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠) .

والاستفهام للحث على المبادرة إلى الاجتماع والتراجي للغلبة لا لاتباع السحرة، لأنه مقطوع به عندهم أي احضروا لتشاهدوا ما يكون من الجانبين، فإنا نرجو أن تكون الغلبة للسحرة، فنتبعهم لا نتبع موسى

فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً أي جزاء من المال والجاه إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) على موسى، فبذل فرعون لهم البذل والمنزلة. قالَ فرعون: نَعَمْ أي لكم الأجرة على عملكم السحر، وَإِنَّكُمْ إِذاً أي إذ كنتم غالبين لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢) عندي في الدخول على تكونون أول من يدخل علي، وآخر من يخرج عني.

وقرأ الكسائي «نعم» بكسر العين. قالَ لَهُمْ مُوسى مريدا لإبطال سحرهم، لأنه لا يمكن منه إلا بإلقائهم: أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) . وهذا تهديد، أي إن فعلتم ذلك أتينا بما نبطله، فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ اثنين وسبعين حبلا واثنتين وسبعين عصا وَقالُوا أي السحرة عند الإلقاء: نقسم بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) على موسى، فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (٤٥) أي تبتلع بسرعة ما يغيرونه عن حاله الأول من الجمادية إلى كونه حية تسعى.

روي عن ابن عباس كانت حبالهم مطلية بالزئبق، وعصيهم مجوفة مملوءة من الزئبق، فلما حميت اشتدت حركتها، فصارت كأنها حيات تدب من كل جانب من الأرض، فألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان مبين، ثم فتحت فاها فابتلعت كل ما رموه من حبالهم وعصيهم، حتى أكلت الكل. ثم أخذ موسى عصاه، فإذا هي كما كانت، فلما رأت السحرة ذلك قالوا لفرعون: كنا نساحر الناس فإذا غلبناهم بقيت الحبال والعصي، وكذلك إن غلبونا، ولكن هذا حق! فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦) أي سقطوا على الأرض ساجدين عقب ما شاهدوا ذلك من غير تلعثم، لعلمهم بأن مثل ذلك خارج عن حدود السحر وأنه أمر إلهي قد ظهر على يد موسى عليه الصلاة والسلام، لتصديقه. قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨) عطف بيان ل «رب»

<<  <  ج: ص:  >  >>