وقرأ حمزة والكسائي «لتبيتنه» بتاء فوقية بعد اللام وبالرفع للجمع، و «لتقولن» بتاء فوقية وبالرفع للجمع. وقرأ عاصم «مهلك» بفتح الميم، وحفص بكسر اللام. والباقون بضم الميم مع فتح اللام فقط. والمعنى: أنهم توافقوا وحلفوا بالله: لندخلن على صالح ومن- آمن به وهم أربعة آلاف ليلا- بغتة ونقتلهم جميعا، ثم لنقولن لولي دم صالح: ما حضرنا قتلهم أو وقته أو مكانه فلا ندري من قتلهم! وإنا لصادقون في إنكارنا لقتلهم. أي لو اتهمنا قوم صالح حلفنا لهم أنا لم نحضر. وَمَكَرُوا مَكْراً بهذه الكيفية وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) قيل: إنهم خرجوا إلى الشعب وقالوا: إذا جاء صالح يصلي في مسجده قتلناه، ثم رجعنا إلى أهله فقتلناهم، فبعث الله تعالى صخرة، فطبقت فم الشعب عليهم فهلكوا، وهلك الباقون بالصيحة. وقيل:
جاءوا بالليل شاهرين سيوفهم وقد أرسل الله تعالى الملائكة ملء دار صالح فدمغوهم بالحجارة، يرون الأحجار ولا يرون راميا.
فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ بصالح أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) أي أنا أهلكنا التسعة بالحجارة، وأهلكنا قومهم أجمعين بصيحة جبريل عليه السلام. وقرأ الكوفيون «أنا دمرناهم» بفتح الهمزة إما بدل من «عاقبة» على أنه فاعل «كان» ، و «كيف» حال، أي فتفكر في أي وجه حدث تدميرنا إياهم. إما خبر لمبتدأ محذوف، أي هي أي العاقبة تدميرنا إياهم فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً أي خالية ساقطة.
وقرأ عيسى بن عمر «خاوية» بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف بِما ظَلَمُوا أي ظلمهم بعبادتهم غير الله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ أي التدمير العجيب لَآيَةً أي لعبرة عظيمة لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) أي يفهمون إشارات القرآن وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا أي صالحا ومن معه من المؤمنين وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣) أي المعاصي. وقتل الناقة وهم أربعة آلاف، وخرج صالح بمن آمن معه إلى حضرموت، فلما دخلها مات صالح فسمى حضرموت، ثم بنوا مدينة- يقال لها: حاضوراء- وَلُوطاً منصوب بمضمر معطوف على أرسلنا في صدر قصة صالح، أي وأرسلنا لوطا إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ- ف «إذا» ظرف للإرسال لما فارق عمه إبراهيم عليه السلام-: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أي الفعلة المتناهية في السماجة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) ، أي والحال أنكم تعلمون علما يقينا أنها قبيحة؟! أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً أي لأجل الشهوة فقط فهو كالبهائم ليس فيها قصد إعفاف ولا قصد ولد مِنْ دُونِ النِّساءِ! أي حال كونكم متجاوزين، النساء بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) أي بل أنتم قوم سفهاء ما جنون. فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ أي أخرجوا لوطا وابنتيه زعورا وريثا وزوجته المؤمنة مِنْ قَرْيَتِكُمْ سذوم إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) أي يتنزهون عن الأقذار- قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء- فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ المنافقة قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) أي قدرنا عليها أن تكون من الباقين في العذاب.