للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب إليه السامري، عاد إلى بيان الدين الحق فقال: إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ أي إنما معبودكم المستحق للعبادة الله، الَّذِي لا إِلهَ أي لا معبود لشيء من الأشياء موجود، إِلَّا هُوَ، وحده من غير أن يشاركه شيء من الأشياء. وقرئ «الله لا إله إلا هو الرحمن رب العرش» ، وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٩٨) ، أي وسع علمه كل شيء فيعلم من يعبده ومن لا يعبده. كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ، أي نقص عليك يا أشرف الخلق- من الحوادث الماضية الجارية على الأمم الخالية- قصا مثل ذلك القصّ المارّ، زيادة في معجزاتك، وليكثر الاعتبار للمكلّفين بها في الدين. وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (٩٩) أي ولقد أعطيناك من عندنا قرآنا مشتملا على هذه الأخبار. مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ أي عن ذلك الذكر، فَإِنَّهُ أي المعرض عنه، يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (١٠٠) أي عقوبة ثقيلة،

خالِدِينَ فِيهِ أي في حمل العقوبة، وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا (١٠١) ، أي بئس لهم حملا عقوبتهم، أو بئس ما حملوا على أنفسهم من الإثم كفرا بالقرآن. يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، النفخة الثانية.

قرأ الجمهور بالياء المضمومة، وفتح الفاء، وقرأ أبو عمرو بنون مفتوحة، وضم الفاء، على إسناد النفخ إلى الآمر به تعظيما له، وقرئ بالياء المفتوحة، والضمير لله تعالى، أو لإسرافيل، وإن لم يجر ذكره لشهرته. وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ أي المشركين، يَوْمَئِذٍ أي يوم إذ ينفخ في الصور زُرْقاً (١٠٢) أي زرق العيون، سود الوجوه، لأن زرقة العيون أبغض ألوان العين إلى العرب، أو عميا، لأن حدقة الأعمى تزرق، أو عطاشا لأنهم من شدة العطش، يتغيّر سواد عيونهم حتى تزرق، أو طامعين فيما لا ينالونه. يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ، أي يقول بعضهم لبعض بطريق المخافتة لما يملأ صدورهم من الرعب، إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً (١٠٣) أي ما مكثتم في القبور إلّا عشرة أيام، لأنهم يرون من شدة أهوال ذلك اليوم، ما يقلل ذلك في أعينهم، فهم يحسبون أنهم ما لبثوا في القبور إلّا عشرة أيام، وهم حين يشاهدون البعث الذي كانوا ينكرونه في الدنيا لا يتمالكون من أن يقولوا ذلك، اعترافا به، وتحقيقا لسرعة وقوعه، كأنهم قالوا قد بعثتم، وما لبثتم في القبور، إلا مدة يسيرة. نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ في ذلك اليوم أي ليس كما قالوا. إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً. أي أصوبهم رأيا إِنْ لَبِثْتُمْ، أي ما مكثتم في القبور، إِلَّا يَوْماً (١٠٤) ، ونسبة هذا القول إلى أفضلهم عقلا لكونه أدلّ على شدة الهول. وَيَسْئَلُونَكَ أي يسألك يا أشرف الخلق، مشركو مكة على سبيل الاستهزاء، أو بنو ثقيف، عَنِ الْجِبالِ أي عن أمر الجبال كيف تكون يوم القيامة، فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) ، أي يصير الجبال كالرمل، ثم يرسل عليها الرياح، فَيَذَرُها أي فيترك الأرض بعد قلع الجبال، قاعاً أي مستويا صَفْصَفاً (١٠٦) أي ملساء لا نبات فيها، لا تَرى فِيها أي الأرض عِوَجاً أي لا تدرك فيها انخفاضا وَلا أَمْتاً (١٠٧) أي نتوءا يسيرا. يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ، أي يوم إذ نسفت الجبال، يتبع الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>