وتسمى سورة فصلت، وسورة حم السجدة، وسورة المصابيح. مكية، أربع وخمسون آية، سبعمائة وتسعة وتسعون كلمة، ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسون حرفا
حم (١) أي هذا حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ أي جعلت آيات الكتاب تفاصيل في معادن مختلفة فبعضها: في ذات الله وصفاته، وفي عجائب أفعاله.
وبعضها: في أحوال التكاليف. وبعضها: في الوعد والوعيد، ودرجات أهل الجنة، ودركات أهل النار. وبعضها: في المواعظ والنصائح. وبعضها: في تهذيب الأخلاق. وبعضها: في قصص الأولين. قُرْآناً عَرَبِيًّا نصب على الاختصاص والمدح، أو على الحالية من «كتاب» ، أو من «آياته» . لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) أي كائنا لقوم عرب ف «اللام» متعلقة بمحذوف صفة ثانية ل «قرآنا» بَشِيراً للمطيعين بالثواب وَنَذِيراً للمجرمين بالعقاب.
وقرأ زيد بن علي برفع الاسمين فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عن تدبر هذا الكتاب مع كونهم بلغتهم فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) سماع طاعة ولا يلتفتون إليه، فكون الكتاب نازلا من عند الرحمن الرحيم يدل على اشتماله على أفضل المنافع، وأجل المطالب، وكونه قرآنا عربيا يدل على أنه في غاية الكشف والبيان، وكونه بشيرا ونذيرا يدل على أن الاحتياج إلى فهم ما فيه من أهم المهمات وإعراضهم عنه يدل على أنه لا مهدي إلا من هداه الله، ولا ضال إلا من من أضله الله. وَقالُوا أي كفار مكة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم- عند دعوته إياهم إلى الإيمان والعمل بما في القرآن-: قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ أي أغطية مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ من التوحيد وَفِي آذانِنا وَقْرٌ أي صمم وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ، أي ستر غليظ يمنعنا عن مواصلتنا إياك فَاعْمَلْ، أي استمر على دينك وهو التوحيد، إِنَّنا عامِلُونَ (٥) أي مستمرون على ديننا وهو الإشراك قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ، أي قل يا أشرف الخلق: إني لا أقدر على أن أحملكم على الإيمان قهرا فإني بشر مثلكم ولا امتياز بيني وبينكم إلّا بمجرد أن الله تعالى أوحى إلي دونكم، فأنا أبلغ هذا الوحي إليكم، فإن شرفكم الله قبلتموه، وإن خذلكم رددتموه. وذلك لا يتعلق بنبوتي ورسالتي، وذلك الوحي يرجع