قُلْ يا أشرف الخلق: أُوحِيَ إِلَيَّ وقرأ أبو عمرو في رواية يونس وهارون وحي بضم الواو بغير ألف. وقرئ «أحي» بالهمزة من غير واو، أي أنزل إلى جبريل فأخبرني أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ، أي أن الشأن استمع القرآن تسعة نفر من جن نصيبين باليمن، فَقالُوا بعد ما آمنوا ورجعوا إلى قومهم: يا قومنا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً أي كتابا مقروءا عَجَباً (١) ، أي خارجا عن عادة أمثاله من الكتب الإلهية مباينا لكلام الناس في حسن النظم ودقة المعنى يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ أي إلى الصواب وهو لا إله إلا الله، فَآمَنَّا بِهِ أي بذلك القرآن، أو بالرشد الذي في القرآن- وهو التوحيد- وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) ولن نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك به وذكر الحسن أن منهم يهودا ونصارى ومجوسا ومشركين، وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا أي وأن الحديث ارتفع عظمة ربنا، أي عظم سلطانه، أو ارتفع غناه، أي وصفه بالاستغناء عن الزوجة والولد، أو تعالى حقيقته عن جميع جهات التعلق بالغير. وقرئ «جد ربنا» بكسر الجيم أي تعالى صدق ربوبيته عن اتخاذ الصاحبة والولد. وقرئ «جدا ربنا» بنصب «جدا» على التمييز مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣) .
هذه الجملة مفسرة لما قبلها وبعضهم جعل «ما» مصدرية متعلقة بتعالى، فحينئذ تكون «لا» زائدة، أي تعالى صفة ربنا ما اتخذ زوجة وولدا كما نسبه الكفار، وَأَنَّهُ أي الحديث كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا أي جاهل منا وهو إبليس عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (٤) أي قولا مجاوزا للحد بعيدا عن الصدق وهو وصفة تعالى بإثبات الشريك والصاحبة والولد، وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (٥) أي كنا نظن أنه لن يكذب على الله تعالى أحد أبدا، ولذلك اتبعنا قوله. وهذا اعتذار منهم تقليدهم لسفيههم إبليس، وَأَنَّهُ أي الحديث كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ في الجاهلية يَعُوذُونَ أي يلتجئون بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) أي ظلما وذلك أنهم إذا سافروا سفرا، أو اصطادوا صيدا، أو
نزلوا واديا خافوا من الجن لأنها تعبث بهم في بعض الأحيان فقالوا: نعوذ