مكية، إحدى عشرة آية، أربعون كلمة، مائة وثلاثة وستون حرفا
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) أي والخيل الجارية بشدة في الغزو تصوت أنفاسهن من الجري، والضبح صوت يسمع من صدور الخيل عند شدة الجري، وليس بصهيل، ولا حمحمة، بل هو صوت نفس، وقال علي رضي الله عنه وكرم وجهه: أي وإبل الحاج الجارية من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى تمد أعضاءها في سيرها، و «ضبحا» حال بمعنى اسم الفاعل، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) أي فالخيل التي تطأ الخصي صاكات بحوافرها ما يخرج النار كنار حباحب وهو رجل من العرب أبخل الناس الذي في العساكر لا يوقد نارا حتى ينام الناس، ثم يوقدها فإذا انتبه أحد أطفأها لئلا ينتفع بها أحد فشبهت هذه النار التي تنقدح من حوافر الخيل بتلك النار التي لم يكن فيها نفع، أو يقال فالجماعة الذين يركبون الإبل وهم الحجيج الموقدون نيرانهم بالمزدلفة، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) أي فالجماعة الذين يركبون الخيل الذين يهجمون على الأعداء للنهب، أو للقتل في وقت صبح لير، وإما يأتون وما يذرون، أو فالجماعة الذين يندفعون من جمع إلى منى ركبانا بإسراع السير صبيحة يوم النحر فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) أي فهيجن في وقت الصبح، أو بالجري غبارا، أو فهيجن في المغار صباحا، فتوسطن في ذلك الوقت أو بالغبار جمعا من جموع الأعداء.
وقرأ أبو حيوة «فأثرن» بالتشديد أي أظهرن بجريهن غبارا وقرئ «فوسطن» بالتشديد أي جعلن جمع الأعداء في ذلك الوقت، أو في ذلك المكان، أو بجريهن، أو بالغبار في الوسط، أو قطعن جمع الأعداء نصفين. روي أنه صلّى الله عليه وسلّم بعث خيلا فمضى شهر لم يأته منهم خبر، فنزلت هذه الآيات، وعن محمد بن كعب قال: النقع ما بين مزدلفة ومنى الجمع مزدلفة، فالمعنى: فتحركن وقت الصبح أو بالجري في وادي محسر فصرن بجريهن وسط مزدلفة، أو يكون المعنى: فأظهرن في ذلك الوقت أو في جريهن صباحا بالتلبية فجعلن مزدلفة بجريهن في الوسط ويتأكد حمل الآيات على الإبل، أو مع خيول الحجاج بما
روى أبي في فضل هذه السورة مرفوعا:«من قرأها أعطي من الأجر بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا»
إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) أي إن طبع