رد صلّى الله عليه وسلّم بقوله:«ما أجهلك بلغة قومك، أما فهمت أن «ما» لما لا يعقل؟» وقد أسلم ابن الزبعري بعد هذه القصة
. لَوْ كانَ هؤُلاءِ أي أصنامهم آلِهَةً كما يزعمون ما وَرَدُوها، أي ما دخلوا النار، وَكُلٌّ من العبدة والمعبودين، فِيها خالِدُونَ (٩٩) أي لا خلاص لهم عنها. لَهُمْ أي للعبدة فِيها زَفِيرٌ، أي أنين وتنفّس شديد، وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠) أصوات المعذّبين لشدة الهول وفظاعة العذاب.
وقد جرت عادة الله تعالى، أنه متى شرح عقاب الكفار أردفه بشرح ثواب الأبرار، فقال:
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى، أي الذين سبقت لهم كلمتنا بالبشرى بالثواب على الطاعة، أُولئِكَ عَنْها، أي جهنم مُبْعَدُونَ (١٠١) . عن ألمها فإنهم في الجنة. وشتان بينها وبين النار. لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها، أي صوت جهنم وحركة تلهّبها إذا نزلوا منازلهم في الجنة وهذه الجملة بدل من «مبعدون» ، أو حال من ضميره، أو خبر ثان، وهي مذكورة للمبالغة في إنقاذهم منها. وَهُمْ أي من تقدم لهم الوعد بالثواب، فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ، أي تمنت نعيم الجنة، خالِدُونَ (١٠٢) أي دائمون في غاية النعم. لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ، حين تغلق النار على أهلها وييأسون من الخروج منها، وحين يذبح الموت في صورة كبش أملح بين الجنة والنار، وينادى: يا أهل النار خلود بلا موت،
فييأس أهل النار من الخروج منها، وحين يؤمر بالكافر إلى الذهاب إلى النار. وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ، أي الحفظة الذين كتبوا أعمالهم وأقوالهم، على أبواب الجنة بالبشرى قائلين هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣) . أي هذا الوقت وقت ثوابكم الذي وعدكم ربكم به في الدنيا فأبشروا بفنون المثوبات، وبجميع ما يسركم بإيمانكم وطاعاتكم. يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ بنون العظمة.
وقرئ «يطوي» بالياء والتاء على البناء للمفعول، فالظرف منصوب ب «أذكر» أو ب «تتلقاهم» . كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ، أي يوم نطوي السماء طيا، كطيّ الطومار للمكتوبات. وقرأ حفص وحمزة والكسائي بصيغة الجمع. والباقون بصيغة الإفراد، واللام متعلقة بمحذوف وهو حال من السجل، ومعنى طي الطومار للمكتوب، كون الطومار ساترا لتلك الكتابة، ومخفيا لها لأن الطيّ ضد النشر الذي يكشف. كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، أي نعيد ما خلقناه أو لا إعادة مثل بدئنا إياه في كونها إيجادا بعد عدم، أو جمعا للأجزاء المتبددة، فهو تشبيه للإعادة بالابتداء في تناول قدرة الله تعالى لهما على السواء وَعْداً عَلَيْنا أي وعدنا