(٢٠) أي تقلع قوم هود من أماكنهم فيلقون أمواتا وهم جثث عظام طوال كأنهم نخل قطعت رؤوسه منقلع عن مغارسه،
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) أي انظر كيف كان عذابي عليهم وكيف كان حال إنذاراتي، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ أي هيأناه للتذكر فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) أي فهل من متعظ يتعظ بما صنع بقوم هود فيترك المعصية؟ كَذَّبَتْ ثَمُودُ قوم صالح بِالنُّذُرِ (٢٣) أي بالإنذارات، فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أي فقالوا: أنتبع آدميا مثلنا واحدا من آحادنا لا من أشرافنا في دينه وأمره إنا وقتئذ لفي خطأ بيّن وتعب، أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا أي أألقي الوحي على صالح وهل خصّ بالنبوة منفردا من بيننا وفينا من هو أكثر مالا وأحسن حالا، بَلْ هُوَ كَذَّابٌ في قوله، أَشِرٌ (٢٥) أي متكبر مرح، سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) .
وقرأ ابن عامر وحمزة بتاء الخطاب وهو حكاية عن قول صالح عليه السلام لقومه، أي ستعلمون وقت نزول العذاب بكم في الدنيا عن قريب من شديد الكذب المتكبر. والباقون بياء الغيبة وهو حكاية لقوله تعالى لصالح عليه السلام وعدا له ووعيدا لقومه أي سيعلمون عن قريب وهو وقت نزول العذاب بهم في الدنيا من الذي حمله كذبه وبطره على الترفع أصالح هو أم من كذبه؟ وقرئ «الأشر» أي الأبلغ في الشرار فقال الله لصالح: إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ أي إنا مخرجو الناقة من الجبل المنبسط على الأرض حسب ما سألوا فِتْنَةً لَهُمْ مفعول لأجله، أي امتحانا لهم ليتميز حال من يثاب ممن يعذب فإخراج الناقة من الصخرة كان معجزة لصالح، لأنها تصديق له وبعده يتميز المصدق عن المكذب وإرسالها إليهم ودورانها فيما بينهم وقسمة الماء كان فتنة، فَارْتَقِبْهُمْ أي انتظرهم بالعذاب وتبصر ما يصنعون، وَاصْطَبِرْ (٢٧) على أذيتهم، أي فإن كانوا يؤذونك فلا تستعجل لهم العذاب، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ أي أخبرهم بأن ماء بئرهم مقسوم بين قوم صالح والناقة فيوم لهم ويوم لها كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) أي كل نصيب من الماء يحضره صاحبه في نوبته، فبقوا على ذلك مدة، ثم سئموا من ضيق الماء والمرعى عليهم، وعلى مواشيهم فأجمعوا على قتلها فَنادَوْا صاحِبَهُمْ قدار بن سالف، ويلقب بالأجهر بعد ما رماها مصدع بن دهر بسهم، فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) أي تناول قدار السيف فقتل الناقة به موافقة لهم، فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) أي إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله،
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً صيحة جبريل بالعذاب بعد ثلاثة أيام من قتلهم الناقة، لأنه كان في يوم الثلاثاء، ونزول العذاب بالصيحة بهم كان يوم السبت، فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) بكسر الظاء، أي فصاروا كالشيء اليابس من الحطب والشوك لمن يعمل الحظيرة في إهلاكهم. وقرئ بفتح الظاء أي فصاروا كالشيء الذي داسته الغنم في الحظيرة، وهي زريبة الغنم تتخذ من دقاق الشجر وضعيف النبات تقيها عن الحر أو البرد، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ أي هوّنا القرآن للعظة والحفظ والقراءة.