المرسل إليهم. سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) أي تنزيها له تعالى عن أن يزاحم اختياره تعالى اختيار. والمقصود أن يعلم العبد أن الإعزاز والإذلال مفوّض إليه تعالى ليس لأحد في الخلق، والاختيار شركة له تعالى وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ من عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) من الطعن في الرسول بألسنتهم وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أي وهو المستحق للعبادة لا أحد يستحقها إلا الله. لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ لأن الثواب غير واجب عليه، بل هو تعالى، يعطيه فضلا وإحسانا منه تعالى، فله الحمد في الدنيا والآخرة لأنه معطي النعم كلها، فيحمده المؤمنون في الآخرة فرحا بفضله، والتذاذا بحمده بقولهم: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، الحمد لله الذي صدقنا وعده وَلَهُ الْحُكْمُ النافذ في كل شيء من غير مشاركة فيه لغير في الدنيا والآخرة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) بالخروج من القبور.
قُلْ يا أفضل الخلق لأهل مكة: أَرَأَيْتُمْ أي أخبروني إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً أي دائما إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، بإسكان الشمس تحت الأرض، أو تحريكها حول الأفق غير المرئي مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ يخرجكم من مشقة الظلام؟ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) هذا الكلام الحق سماع تفهم تطيعون من يفعل ذلك! قُلْ لهم: أَرَأَيْتُمْ أي أخبروني إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ بإسكان الشمس في وسط السماء أو تحريكها على مدار فوق الأفق مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ، استراحة عن متاعب الأشغال؟ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) ، هذه المنفعة الظاهرة ولا تنتظرون بقلوبكم ما أنتم عليه من الخطأ! وَمِنْ رَحْمَتِهِ أي نعمته تعالى جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لأغراض ثلاثة لِتَسْكُنُوا فِيهِ أي في أحدهما وهو الليل، وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ في الآخر، وهو النهار بأنواع المكاسب. ففي هذا مدح للسعي في طلب الرزق كما ورد في الحديث:«الكاسب حبيب الله وهو لا ينافي التوكل» .
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) أي لكي تشكروا على المنفعتين معا. وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أي أذكر يوم ينادي الله المشركين يوم القيامة فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) ؟ أي أين الذين ادعيتم إلهيتهم لتخلصهم من الهلاك؟ وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً أي أخرجنا من كل أمة نبيا يشهد عليهم بما كانوا عليه في كل زمان، فيدخل فيه الأحوال التي في أزمنة الفترات، وفي الأزمنة التي حصلت بعد سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم فَقُلْنا لهم: هاتُوا بُرْهانَكُمْ على صحة ما كنتم تدينون به فَعَلِمُوا أي كل أمة يومئذ أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ أي أن حقيقة الإلهية لله تعالى لا يشاركه فيها أحد وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥) أي زال عنهم ما كانوا يعبدون في الدنيا بالكذب إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى.
وروى أبو إمامة الباهلي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«كان قارون من السبعين المختارين الذين سمعوا كلام الله تعالى»
- قيل هو ابن عم موسى- وعن ابن عباس كان ابن خالته، ثم قيل: إنه