وتسمى سورة النضير، مدنية، أربع وعشرون آية، سبعمائة وخمس وأربعون كلمة، ألف وتسعمائة وثلاثة عشر حرفا
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) نزلت هذه الآية إلى قوله تعالى:
وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ في بني النضير، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما دخل المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يكونوا عليه ولا له، فلما غزا بدرا وظهر على المشركين قالوا: هو النبي المنعوت في التوراة بالنصر، فلما غزا أحدا وهزم المسلمون ارتابوا ونكثوا العهد فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا من اليهود إلى مكة وحالفوا أبا سفيان وأصحابه أربعين رجلا عند الكعبة على قتاله صلّى الله عليه وسلّم، ثم رجع كعب وأصحابه إلى المدينة، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم محمد بن مسلمة الأنصاري بقتل كعب بن الأشرف فقتله غيلة، ثم صبحهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالكتائب، وهو على حمار مخطوم بليف
فقال لهم:«اخرجوا من المدينة» . فقالوا: الموت أحب إلينا من ذلك، ثم تنادوا بالحرب
، فبعث إليهم خفية عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه وقالوا: لا تخرجوا من الحصن فإن قاتلوكم فنحن معكم، ولننصرنكم، ولئن أخرجتم لنخرجن معكم، فحصنوا الأزقة، فحاصرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم إحدى وعشرين ليلة، فلما قذف الله الرعب في قلوبهم وأيسوا من نصر المنافقين طلبوا الصلح، فأبى إلا الجلاء على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من متاعهم، وللنبي ما بقي، فجعلوا إلى الشام إلى أريحا وأذرعات، إلا أهل بيتين منهم آل أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب، فإنهم لحقوا بخيبر ولحقت طائفة منهم بالحيرة فذلك قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ هم بنو النضير من اليهود مِنْ دِيارِهِمْ أي مساكنهم بالمدينة لِأَوَّلِ الْحَشْرِ أي عند أول إخراج الجمع من مكان إلى مكان وهم أول من أخرجوا من جزيرة العرب إلى الشام لم يصبهم هذا الذل قبل ذلك، وأما آخر حشرهم فهو إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام، ما ظَنَنْتُمْ أيها المسلمون أَنْ يَخْرُجُوا من ديارهم بهذا الذل لعزتهم وقوتهم وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ أي من عذاب الله، أي كانت حصونهم منيعة فظنوا أنها