مكية، سبع وسبعون آية، ثمانمائة واثنتان وسبعون كلمة، ثلاثة آلاف وسبعمائة وثلاثة وستون حرفا
تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ أي تعالى الله الذي نزل القرآن على محمد صلّى الله عليه وسلّم في ذاته وصفاته وأفعاله، فتعالت ذاته عن جواز التغيّر والفناء. وعن مشابهة شيء من الممكنات وتعالت صفاته عن حدوث، وتعالت أفعاله عن عبث.
ومن جملة أفعاله تنزيل القرآن المنطوي على جميع الخيرات الدينية والدنيوية والإتيان بعنوان العبد إعلام بكون سيدنا محمد في أقصى مراتب العبودية، لِيَكُونَ أي ذلك العبد أو الذي نزل الفرقان لِلْعالَمِينَ أي المكلفين من الثقلين نَذِيراً (١) أي مخوفا من عذاب الله بالقرآن الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بدل من الموصول الأول أو خبر مبتدأ محذوف وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً عطف على الصلة. وهذا رد على النصارى واليهود وبعض مشركي العرب الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ أي في ملك السموات والأرض فهو المنفرد بالإلهية. وهذا معطوف على الصلة أيضا وهو رد على الثنوية وعباد الأصنام والنجوم، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢) أي أحدث كل موجود إحداثا جاريا على طريق التقدير بحسب ما اقتضته إرادته وهيّأه لما أراد به مما يصلح له مثاله أنه تعالى خلق الإنسان على هذا الشكل المقدّر المستوي الذي تراه فيقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به في باب الدين والدنيا، وكذلك كل حيوان وجماد جاء به على الجبلة المستوية المقدرة بأمثلة الحكمة، فقدره لأمر ما، ومصلحة ما موافقا لما قدر غير متأخر عنه. وَاتَّخَذُوا أي المنذرون من كفار مكة كأبي جهل وأصحابه مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً أي جعلوا لأنفسهم متجاوزين الله غيره آلهة لا يقدرون على خلق شيء أصلا، وَهُمْ يُخْلَقُونَ كسائر المخلوقات وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً أي لا يقدرون لأنفسهم على دفع ضرر ما وعلى جلب نفع ما فمن لا ينفع نفسه لا ينفع غيره، وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (٣) أي ولا يقدرون على اماتة الأحياء واحياء الموتى، وبعثهم، فالا له يجب أن يكون