لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أي النفوس الشريفة التي لا تزال تلوم نفسها في الدنيا والآخرة، فإذا اجتهدت في الطاعة تلوم نفسها على عدم الزيادة، وإذا قصرت تلوم نفسها على التقصير والمعنى: لا أقسم عليك بذلك اليوم ولا بتلك النفس، ولكني أسألك غير مقسم أتحسب أنا لا نجمع عظامك إذا تفرقت بالموت، فإن كنت تحسب ذلك فاعلم أنا قادرون على أن نفعل ذلك وذلك قوله تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أي المكذب بالبعث، أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣) أي أن الحديث لن
نقدر على أن نجمع عظامه بعد تفريقها. وقرأ قتادة «أن لن تجمع عظامه» على البناء للمفعول.
روي أن عدي بن أبي ربيعة- ختن الأخنس بن شريق- قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا محمد حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمره، فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد، ولم أومن بك، أو يجمع الله العظام بعد صيرورتها ترابا، فنزلت هذه الآية.
وقال ابن عباس: المراد بالإنسان هاهنا أبو جهل فإنه أنكر البعث بعد الموت. قال تعالى في جوابه: بَلى فهذه الكلمة أثبتت ما بعد النفي- وهو الجمع- أي بلى نجمعها والوقف هنا تام.
وقال أبو عمرو: كاف قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤) أي كنا قادرين أن نخلق أطراف أصابعه في الابتداء، فوجب أن نبقى قادرين على الإعادة في الانتهاء. وقرأ ابن أبي عبلة «قادرون» بالرفع، أي ونحن قادرون. بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) أي بل يريد الإنسان أن يكذب بيوم القيامة، وهو أمامه فمن كذب حقا كان فاجرا، يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦) أي يسأل الإنسان سؤال متعنت ومستبعد متى يوم القيامة، فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) .
قرأ نافع بفتح الراء أي شخص البصر عند معاينة أسباب الموت والملائكة. والباقون بالكسر أي تحير البصر فزعا فلم يطرف. وقرأ أبو السمال «بلق» بمعنى انفتح، وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) أي ذهب ضوءه. وقرئ و «خسف القمر» على البناء للمفعول، أي ذهب بنفسه،