للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية على المصدر. إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) فيكون قوله حقا وفعله متقنا، إذ الحكيم هو الذي فعله كما ينبغي لعلمه مع قصد ذلك.

قالَ أي إبراهيم: فَما خَطْبُكُمْ أي فما أمركم العظيم الذي لأجله أرسلتم سوى البشارة فلعظمتكم لا ترسلون إلّا في عظيم، أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١) أتى إبراهيم عليه السلام بما هو آداب المضيف حيث يقول لضيفه إذا استعجل في الخروج: ما هذه العجلة وما شغلك الذي يمنعنا من التشرف بالاجتماع بك ولا يسكت عند خروجهم، لأن سكوته يوهم استثقالهم قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) أي كافرين من قوم لوط، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) أي لننزل عليهم من السماء حجارة من طين، مطبوخ كالآخر بعد ما قلبنا قراهم.

قال السدي ومقاتل: كانوا ستمائة ألف، فأدخل جبريل جناحه تحت الأرض، فاقتلع قراهم، وكانت أربعة، ورفعها حتى سمع أهل السماء أصواتهم، ثم قلبها بأن جعل عاليها سافلها، ثم أرسل عليهم الحجارة، فتتبعت الحجارة مسافريهم وشذاذهم، أي المنفردين عن الجماعة مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) أي مكتوبا على كل واحد من الحجارة اسم واحد من المجاوزين الحد في الفجور، وذلك إنما يعلمه الله تعالى، فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها أي في قرى قوم لوط مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) بلوط، لإهلاك الكافرين فإن القرية ما دام فيها المؤمن لم تهلك، فببركة المحسن ينجو المسيء. فَما وَجَدْنا فِيها أي في تلك القرى غَيْرَ بَيْتٍ واحد مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) .

قال مجاهد: كان الناجون لوطا وابنته. وقال قتادة: كانوا أهل بيته. وقال سعيد بن جبير:

كانوا ثلاثة عشر وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧) ، أي وتركنا في قريات قوم لوط علامة للمنتفع بها قيل: هي حجارة منضودة في ديارهم، وهي بين الشام والحجاز. وقيل: هي ماء أسود منتن خرج من أرضهم. وقيل: هي نفس القرى الخربة وَفِي مُوسى وهذا إما معطوف على «فيها» ، والمعنى وتركنا في قصة موسى آية، أو يقال: وجعلنا في قصة قوم لوط عبرة للخائفين حلول العذاب فلا يقتدون بفعلهم، وجعلنا في قصة موسى آية، وإما معطوف على قوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ وتقديره وفي موسى حديث وهذا مناسب إذ جمع الله كثيرا بين ذكر إبراهيم وذكر موسى عليهما السلام، إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) أي ببرهان قاطع حاج به فرعون، أو بمعجزة فارقة بين سحر الساحر وأمر المرسلين كاليد والعصا، فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ أي فأعرض فرعون عن الإيمان به مع جنوده، أو فتقوى فرعون بأقوى جنده، وهو هامان، فإنه كان وزيره. وَقالَ في شأن موسى: هذا ساحِرٌ تأتيه الجن بسحره باختياره، أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) تقصده الجن من غير اختياره، كأن فرعون نسب الخوارق العجيبة إلى الجن وتردد في أنها حصلت باختيار موسى أو بغيره، أَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ

أخذ غضب وقهر، نَبَذْناهُمْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>