للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغتسل معنا إلّا أنه آدر، فذهب يوما يغتسل، فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه، فجعل موسى يجري عقبه ويقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوأة موسى فقالوا: والله ما بموسى من بأس فوقف الحجر فأخذ موسى ثوبه فاستتر به وضرب الحجر حتى ظهر فيه ستة جروح»

«١» اه. وَكانَ موسى عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً (٦٩) ، أي معظما رفيع القدرة.

قال ابن عباس: كان عظيما عند الله تعالى لا يسأله شيئا إلّا أعطاه. وقال الحسن: كان مجاب الدعوة. وقيل: كان محببا مقبولا. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (٧٠) أي صوابا. والمراد نهيهم عما خاضوا فيه من حديث زينب المائل عن العدل

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ.

قال ابن عباس: أي يتقبل حسناتكم، وقال مقاتل: يزكي أعمالكم وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ باستقامتكم في القول والعمل، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في الأوامر والنواهي فَقَدْ فازَ في الدارين فَوْزاً عَظِيماً (٧١) أي نال جميع مراداته، إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ. والمراد بالأمانة: الفرائض التي فرضها الله تعالى على عباده فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها أي خفن من حملها أن لا يؤدينها فيلحقهن من العقاب أي فقال لهن: أتحملن هذه الأمانة بما فيها؟ قلن: وما فيها؟ قال: إن أحسنتن جوزيتن، وإن عصيتن عوقبتن. قلن: لا يا رب نحن مسخرات لأمرك، لا نريد ثوابا ولا عقابا. وقلن ذلك خوفا وتعظيما لدين الله تعالى لا مخالفة لأمره، وكان العرض عليهن تخييرا لا إلزاما وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ أي آدم قال الله تعالى لآدم:

إني عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال، فلم تطقها فهل أنت آخذها بما فيها؟ قال:

يا رب وما فيها؟ قال: إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت، فحملها آدم فقال: بين أذني وعاتقي الله تعالى أما إذا تحملت فسأعينك وأجعل لبصرك حجابا، فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل فارخ عليه حجابا، واجعل للسانك لحيين وغلافا فإذا خشيت فأغلق عليه واجعل لفرجك لباسا، فلا تكشفه على ما حرمت عليه. إِنَّهُ أي الإنسان كانَ ظَلُوماً أي متعبا لنفسه بحملها. وهذا الظلم ممدوح من الأنبياء جَهُولًا (٧٢) بعاقبته، وإن النفس لا تطيق الدوام على حملها لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ ف «اللام» للعاقبة متعلق ب «حمل» ، أي حملها الإنسان وكان عاقبة حمله لها أن يعذب الله بعض أفراده الذين لم يراعوها، وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أي كان عاقبة حمله لها أن يقبل توبتهم، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً للظلوم رَحِيماً (٧٣) على الجهول، لأن الله تعالى وعد عباده بأنه يغفر الظلم جميعا إلّا الظلم العظيم الذي هو الشرك.


(١) رواه البغوي في شرح السنّة (٦: ١٢) ، وابن كثير في التفسير (٦: ٥٧٠) ، وكنز العمال (٣٩٣٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>