(٧٨) ، بأن يؤتى ما قاله، وقيل: المعنى انظر في اللوح المحفوظ أن له ما يقول، أم اعتقد وحدة الله بكلمة الشهادة فيكون له ما يقول.
وعن قتادة: هل له عمل صالح قدمه فهو يرجو بدلك ما يقول: كَلَّا ردع له عن التفوّه بتلك الكلمة الشنيعة، وتنبيه على خطئه، أي لا يكون له ما يقول، سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ، أي سنظهر له أنا كتبنا قوله ونؤاخذه به، وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) أي نطوّل به من العذاب ما يستحقه، ونضاعفه له لكفره وافترائه على الله تعالى، واستهزائه بآياته، وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ، أي ننزع ما آتيناه بموته، ونحرمه ما تمناه في الآخرة من مال، وولد، ونجعله لغيره من المسلمين، وَيَأْتِينا يوم القيامة فَرْداً (٨٠) لا يصحبه مال، ولا ولد، ولا عشيرة، ولا خير.
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً، أي اتخذ كفار قريش الأصنام آلهة متجاوزين الله تعالى، لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) أي ليكون الأصنام مانعين لهم من عذاب الله، كَلَّا أي لا مانع من عذابهم، فلا يعتقدوا أن الأصنام شفعاء لهم عنده تعالى، سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ أي سيجحد الأصنام بعبادتهم لها، بأن ينطقها الله تعالى، وتقول ما عبدتمونا، وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ أي تكون الأوثان التي كانوا يرجون أن تكون لهم منعة من العذاب، ضِدًّا (٨٢) ، أي أعداء وأعوانا بالعذاب، فإنهم وقود النار، ولأنهم عذّبوا بسبب عبادتهم. أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) أي ألم تنظر يا أشرف الرسل، أنا سلطنا الشياطين على الكافرين، تهيّجهم على المعاصي تهييجا شديدا بأنواع الوساوس، فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ، بطلب إهلاكهم حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرورهم.
إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤) ، فليس بينك وبين ما تطلب من هلاكهم إلا أيام محصورة، وأنفاس معدودة، فنضبط عليهم ما يقع منهم، حتى نؤاخذهم به ولا نهمله. وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) بإيمانهم، إِلَى الرَّحْمنِ أي إلى محل كرامة ربهم الذي يغمرهم برحمته الواسعة، وَفْداً (٨٥) ، أي وافدين على ربهم، منتظرين لكرامتهم وأنعامهم، فبعضهم كانوا ركبانا على نجائب سرجها من ياقوت، وعلى نوق رحالها من ذهب، وأزمتها من زبرجد، من أول خروجهم من القبور، أو من منصرفهم من الموقف حتى يقرعوا باب الجنة. وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ بكفرهم ومعاصيهم إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) أي عطاشا بإهانة كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) ، أي لا يستحق هؤلاء المجرمون أن يشفع لهم غيرهم، إلا من اتخذ كلمة الشهادة بالتوحيد والنبوة، ولو كانوا أهل الكبائر.
وروى ابن مسعود أنه صلّى الله عليه وسلّم قال لأصحابه ذات يوم:«أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا» قالوا: وكيف ذلك؟ قال: «يقول كل صباح ومساء: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر، وتبعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لي عهدا توفينيه يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد، فإذا قال ذلك طبع الله عليه بطابع، ووضع تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين لهم