وتسمى أيضا سورة موسى، مكية، وقيل: إلا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ فإنها نزلت بالجحفة- بين مكة والمدينة، ثمان وثمانون آية، ألف وأربعمائة وإحدى وأربعون كلمة، خمسة آلاف وثمانمائة حرف
طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) أي إن آيات هذه السورة آيات الكتاب الذي بيّن بفصاحته أنه من كلام الله، وبيّن صدق نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وبيّن خبر الأولين والآخرين وبيّن كيفية التخلص عن شبهات أهل الضلال. نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣) ، أي نقرأ عليك بواسطة جبريل بعض خبر موسى وفرعون ملتبسا بالحق لأجل قوم يصدقون بك وبالقرآن، فإنهم المنتفعون به. إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ أي تجبّر في مملكته أرض مصر، وَجَعَلَ أَهْلَها أي
أهل مملكته شِيَعاً أي أصنافا في استخدامه، يستعمل كل صنف في عمل من بناء وحرث وحفر وغير ذلك من الأعمال الشاقة، ومن لم يستعمله ضرب عليه الجزية. يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ وهم بنو إسرائيل.
قال ابن عباس: إن بني إسرائيل لمّا كثروا بمصر استطالوا على الناس وعملوا المعاصي ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، فسلط الله عليهم القبط فاستضعفوهم إلى أن أنجاهم الله على يد نبيه موسى عليه. يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ كثيرا صغارا. وذلك لأن الأنبياء الذين كانوا قبل موسى عليه السلام بشروا بمجيئه عليه السلام، وفرعون كان قد سمع ذلك، فلهذا كان يذبح أبناء بني إسرائيل عند الولادة. وهذا الوجه أولى بالقبول. قال وهب: قتل القبط في طلب موسى عليه السلام تسعين ألفا من بني إسرائيل. قوله: يَسْتَضْعِفُ حال من فاعل «علا» أو خبر ثان لأن «أو» بدل اشتمال من «علا» . وقوله: يُذَبِّحُ بدل اشتمال من «يستضعف» . وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ قيل: أي يستخدمهن كبارا إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤) في كفره بدعائه إلى غير عبادة الله وقتل خلق كثير من أولاد الأنبياء وَنُرِيدُ بإرسال موسى أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ، أي أن نتفضل على من قهروا في أرض مصر- وهم بنو إسرائيل- بإنجائهم من بأس