وقرأ حمزة والكسائي وحفص بتشديد السين والوقف على «فليذوقوه» كاف إن جعل خبرا لهذا، أو جعل هذا مفعولا لفعل محذوف يفسره «فليذوقوه» ويكون «حميم» خبر مبتدأ محذوف، وإن جعل هذا حميم مبتدأ وخبر وما بينهما اعتراض، فالوقف على غساق وهو كاف. وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) أي ومذوق آخر من مثل هذا
المذوق أجناس.
وقرأ أبو عمرو و «أخر» بضم الهمزة، أي ومذوقات أخر من مثل هذا المذوق في الشدة والفظاعة أنواع مختلفة و «آخر» مبتدأ و «أزواج» خبره قال خزنة جهنم لرؤساء الكفار في أتباعهم إذا دخلوا النار، هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ أي هذا جمع كثيف قد دخل معكم النار كما كانوا قد دخلوا معكم في الضلال فقال هؤلاء الرؤساء: لا مَرْحَباً بِهِمْ أي لا اتسعت منازلهم في النار إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (٥٩) ، أي داخلون فيها كما دخلنا فيها. قالُوا أي الأتباع عند سماعهم ما قيل في حقهم خطابا بالرؤساء: بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أي لا وسع الله عليكم في منازلكم في النار، أي أن الدعاء الذي دعوتم به علينا أيها الرؤساء أنتم أحق به، أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا أي أنتم قدمتم الطغيان الذي هذا العذاب جزاؤه فاقتدينا بكم فَبِئْسَ الْقَرارُ (٦٠) أي بئس المسكن لنا ولكم جهنم.
قالُوا أي الأتباع معرضين عن خصومتهم متضرعين إلى الله تعالى: رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (٦١) ، أي يا ربنا من شرع لنا هذا الطغيان من الرؤساء فزده عذابا مضاعفا في النار.
قال ابن مسعود: والمراد بالضعف الحيات والأفاعي وَقالُوا أي الطاعون: ما لَنا لا نَرى رِجالًا من فقراء المؤمنين، كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أي يقول أبو جهل: ما لنا لا نرى في النار عمارا وبلالا، وصهيبا وخبابا كنا نعدهم من السفلة أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا.
قرأه نافع بضم السين أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (٦٣) . وقرأ أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وعاصم وابن عامر «أتخذناهم» بقطع الهمزة على الاستفهام للتوبيخ والتعجب فيوقف على الأشرار وهو كاف والمعنى: الأجل إنا قد اتخذناهم سخريا في الدنيا، فأخطأنا، فلم يدخلوا النار، فلذلك لا نراهم أم لأجل أنه زاغت عنهم أبصارنا ولم نعلم مكانهم وهم فيها.
وقرأ ابن كثير والأعمش، وأبو عمرو، وحمزة والكسائي «اتخذناهم» بوصل الهمزة فلا يوقف على الأشرار، لأن اتخذناهم صفة أخرى لرجالا. والمعنى: ما لنا لا نرى في النار رجالا سخرناهم وحقرناهم في الدنيا بل مالت أبصارنا عنهم فلا نعدهم شيئا إِنَّ ذلِكَ أي الذي حكيناه عنهم لَحَقٌّ، أي واجب وقوعه فلا بد وأن يتكلموا به تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤) ، أي وهو كلام أهل النار في النار بخصومة بعضهم مع بعض.
وقرئ «تخاصم» بالنصب على أنه بدل من ذلك. قُلْ يا أفضل الخلق لكفار مكة:
إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ أي مخوف بعذاب الله لمن عصى، وَما مِنْ إِلهٍ موجود إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الذي لا