ونبيه قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) أي لعن الكذابون الذين لا يجزمون بأمورهم أصحاب القول المختلف. وهذا دعاء عليهم.
وقرئ «قتل الخراصين» بالبناء للفاعل، أي قتل الله المقدرين ما لا صحة له،
الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ أي في جهالة بأمر الآخرة ساهُونَ (١١) أي غافلون عما أمروا به، يَسْئَلُونَ أي بنو مخزوم بطريق الاستعجال استهزاء، أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) ؟ أي متى يكون يوم الجزاء الذي نعذب فيه؟ قال تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) أي يكون ذلك يوم هم يعرضون على النار ويحرقون بها، ويجوز أن يكون «يوم هم» خبرا لمبتدأ محذوف، وهو مبني على الفتح لإضافته إلى مبني ويؤيده أنه قرئ بالرفع، أي هو يوم هم إلخ. وتقول لهم الزبانية: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ أي حرقكم هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤) بالقول بطريق الاستهزاء، أو بالفعل وهو الإصرار على العناد وإظهار الفساد. وقوله تعالى هذه الآية داخل تحت القول المضمر، وهو إما مبتدأ أو بدل من فتنتكم، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) جارية في خلال الجنات آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ أي قابلين لما أعطاهم ربهم راضين من الجنات والعيون، إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ أي قبل إعطاء الله الجنات لهم مُحْسِنِينَ (١٦) في الدنيا بالقول والفعل كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) ف «ما» زائدة. وهذا تفسير للإحسان، أي كانوا ينامون في جزء قليل من الليل. وقيل:«ما» مصدرية و «يهجعون» بدل اشتمال من الواو، أي كان هجوعهم من الليل قليلا، أو فاعل ل «قليلا» ، أي كانوا قليلا من الليل هجوعهم. وقيل:«ما» نافية، و «قليلا» خبر «كان» وعلى هذا فالوقف عليه صالح كالوقف على يهجعون. والمعنى: كان عددهم قليلا لا ينامون من الليل وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) أي هم مع قلة نومهم وكثرة صلاتهم يداومون على الاستغفار في الأسحار، ويعدون أنفسهم مذنبين لوفور علمهم بالله تعالى. وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) أي هم لا يجمعون الأموال إلّا ويجعلونها ظرفا للحق، فيرون في أموالهم حقا للذي يسأل العطاء من الناس وللمتعفف الذي يحسبه بعض الناس غنيا، فلا يعطيه شيئا، فهو الّذي لا يسأل ولا يعطى، أي هم أوجبوا على أنفسهم بمقتضى الكرم أن يصلوا بأموالهم الأرحام والفقراء والمساكين، وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) ، أي وفي جهة السفل دلائل واضحة للموقنين على شؤونه تعالى، فإن الموقن لا يغفل عن الله تعالى في حال، ويرى في كل شيء آيات دالة على قدرته تعالى ووحدانيته، أما الغافل فلا يتنبّه إلّا بأمور كثيرة فيكون الكل له كآية واحدة،
وَفِي أَنْفُسِكُمْ أي وفي أنفسكم آيات دالة لكم على وحدانية الله تعالى وقدرته، إذ ليس في العالم شيء إلّا وفي الأنفس له نظير، أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) أي ألا تنظرون الأرض وما فيها، والأنفس وما فيها، فلا تبصرون بعين البصيرة، وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) أي رزقكم ووعدكم بالجنة والنار مكتوبة مقدرة في السماء.
ويقال: هذا الخطاب مع الكفار فكأنه تعالى قال: وفي الأرض آيات للموقنين كافية، وأما أنتم