بالمال والجاه، فكان ذلك لفضل علمي بالتوراة، واستحقاقي لذلك، أي لأنه أقرأ بني إسرائيل للتوراة كما قاله قتادة ومقاتل والكلبي اه-.
وقال سعيد بن المسيب والضحاك: كان موسى عليه السلام أنزل عليه علم الكيمياء من السماء، فعلّم قارون ثلث العلم، ويوشع ثلثه، وكالب ثلثه، فخدعهما قارون حتى
أضاف علمهما إلى علمه، فكان يأخذ الرصاص فيجعله فضة، والنحاس فيجعله ذهبا، وكان ذلك سبب كثرة أمواله. أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً أي أعلم قارون ما ادعاه، ولم يعلم أن الله قد أهلك من هو أقوى منه، وأغنى، وأكثر جماعة حتى لا يغتر بكثرة ماله وقوته؟! وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨) ، أي لا يسأل الله عن صفة ذنوب المجرمين وعددها إذا أراد أن يعاقبهم لأنه تعالى عالم بكل المعلومات، فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ أي فخرج قارون يوم السبت متزينا مع أتباعه كانوا أربعة آلاف على زيه، وكان عن يمينه ثلاثمائة غلام، وعن يساره ثلاثمائة جارية بيض عليهن الحلي والديباج، وكانت بغلته شهباء سرجها من ذهب وكان على سرجها الأرجوان- بضم الهمزة والجيم، وهو قطيفة حمراء- وكانت خيولهم وبغالهم متحلية بالديباج الأحمر، ومعهم ألوان السلاح.
وقال ابن زيد: خرج في تسعين ألفا عليهم المعصفرات وهو أول يوم رؤي فيه المعصفر.
قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا من المؤمنين جريا على طريقه الجبلة البشرية من الرغبة في السعة يا للتنبيه لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ من هذه الأموال وهذه الزينة إِنَّهُ أي قارون لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩) . أي لذو بخت وافر من الدنيا. وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بأحوال الدنيا والآخرة للراغبين في الدنيا: وَيْلَكُمْ أي ضيق الله عليكم الدنيا. وهذا زجر عن ذلك التمني ثَوابُ اللَّهِ في الآخرة خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً من هذه النعم، لأن الثواب منافع عظيمة وخالصة عن شوائب المضار، ودائمة، وهذه النعم العاجلة على الضد من هذه الصفات الثلاثة.
وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ (٨٠) أي ولا يعطى هذه الطريقة التي هي الإيمان والعمل الصالح إلا الصابرون على أمر الله، والمرازي. أو ولا يعطى الجنة التي هي الثواب إلا الصابرون على مخالفات النفس وموافقات الشريعة.
فَخَسَفْنا بِهِ أي بقارون وَبِدارِهِ الْأَرْضَ.
روي أن قارون كان يؤذي نبي الله موسى عليه السلام كل وقت وهو يداريه للقرابة التي بينهما حتى نزلت الزكاة، فصالحه عن كل ألف دينار على دينار، وعن كل ألف درهم على درهم، وعن كل ألف شاة على شاة، وكذلك سائر الأشياء، ثم رجع إلى بيته فحسبه، فوجده شيئا كثيرا، فلم تسمح نفسه بذلك، فجمع بني إسرائيل وقال: إن موسى يريد أن يأخذ أموالكم، فقالوا: أنت سيدنا وكبيرنا، فمرنا بما شئت. قال: نبرطل فلانة البغي كي تقذف موسى بنفسها فإذا فعلت ذلك رفضه بنو إسرائيل، فدعوها، فجعل قارون لها طشتا من ذهب مملوءا ذهبا، فلما كان يوم عيد قام