مكية، إلا ست آيات فإنها مدنيات، وهي قوله: قُلْ تَعالَوْا إلى آخر الآيات الثلاث وهو:
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. وقوله تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ إلى قوله تعالى: وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ، مائة وخمس وستون آية، ثلاثة آلاف وخمس وخمسون كلمة، اثنا عشر ألفا وسبعمائة وسبعة وعشرون حرفا
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ والمدح أعم من الحمد لأن المدح للعاقل ولغير العاقل، فكما يمدح العاقل على أنواع فضائله كذلك يمدح اللؤلؤ لحسن شكله والياقوت على نهاية صفائه وصقالته، والحمد لا يحصل إلا للفاعل المختار على ما يصدر منه من الإحسان.
والحمد أعمّ من الشكر لأن الحمد تعظيم الفاعل لأجل ما صدر عنه من الإنعام واصلا إليك أو إلى غيرك والشكر تعظيمه لأجل إنعام وصل إليك وحصل عندك. والمقصود من هذه الآية ذكر الدلالة وعلى وجود الصانع والفرق بين الجعل والخلق أن كلا منهما هو الإنشاء والإبداع إلا أن الخلق: مختص بالإنشاء التكويني وفيه معنى التقدير والتسوية، والجعل: عام له كما في هذه الآية الكريمة، وللتشريعي أيضا كما في قوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ [المائدة: ١٠٣] الآية وجمع الظلمات دون النور لكثرة محالها إذ ما من جرم إلا وله ظل، والظل:(هو الظلمة) بخلاف النور فإنه من جنس واحد وهو النار، وهذا إذا حملا على الكيفيتين المحسوستين بحس البصر وإن حمل النور على نور الإسلام والإيمان واليقين والنبوة، والظلمات على ظلمة الشرك والكفر والنفاق فنقول: لأن الحق واحد والباطل كثير وتقديم الظلمات على النور لأن الظلمة عدم النور عن الجسم الذي يقبله وعدم المحدثات متقدم على وجودها ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) أي يشركون به غيره وهذه الجملة إما معطوفة على قوله الحمد لله والباء متعلقة بكفروا فيكون يعدلون من العدول ولا مفعول له. والمعنى أن الله تعالى حقيق بالحمد على ما خلقه لأنه تعالى ما خلقه إلا نعمة، ثم الذين كفروا بربهم يميلون عنه فيكفرون نعمته أو متعلقة