والباقون بكسرها وهو كسرة إعراب. وهذا يقتضي الأمن جميع فزع ذلك اليوم. وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ أي بالشرك بالله فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ أي ألقوا في النار على وجوههم، وتقول لهم خزنة جهنم وقت كبهم على وجوههم في النار: هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠) ؟ أي ما تجزون الآن إلا جزاء أعمالكم من الشرك والمعاصي في الدنيا،
ثم أمر الله تعالى نبيه أن يقول لأهل مكة تنبيها لهم على أنه قد أتم أمر الدعوة: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ وهي مكة الَّذِي حَرَّمَها أي جعلها حرما لا يسفك فيها دم إنسان، ولا يصاد صيدها، ولا يقطع حشيشها الرطب.
قرأ الجمهور «الذي» صفة ل «رب» .
وقرأ ابن عباس وابن مسعود «التي» صفة ل «البلدة» وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ خلقا وتصرفا من غير أن يشاركه شيء في شيء من ذلك، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) أي بأن أثبت على ملة الإسلام، وبأن أكون من المنقادين لها. وهذا إشارة إلى أن المسلم الحقيقي من يستعمل الشريعة مثل استعمال النبي صلّى الله عليه وسلّم وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ أي أمرت أن أقرأ عليكم القرآن بطريق تكرير الدعوة، وأن أواظب على تلاوته لتنكشف لي حقائقه، فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ أي فمن اهتذى باتباعه إياي في العبادة والإسلام، وتلاوة القرآن فإنما منافع اهتدائه راجعة إليه لا إلي، وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢) ، أي ومن ضل بمخالفتي فيما ذكر فقل في حقه: إنما أنا من المنذرين فلا علي شيء من وبال ضلاله. وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ على ما أعطاني من نعمة العلم والنبوة.
وعلى ما وفقني من القيام بأداء الرسالة. سَيُرِيكُمْ آياتِهِ أي سيريكم الله تعالى في الدنيا آياته الباهرة- كخروج الدابة وسائر أشراط الساعة- فَتَعْرِفُونَها أي فتعرفون أنها آيات الله تعالى حين لا تنفعكم المعرفة، وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٣) .
وقرأ نافع وابن عامر، وحفص بالتاء على الخطاب أي وما ربك بغافل عما تعلم أنت من الحسنات، وما تعملون أنتم أيها الكفرة من السيئات فيجازي كلا منكم بعمله. والباقون بالياء على الغيبة أن وما ربك بغافل عن أعمالهم فسيعذبهم فلا يحسبوا أن تأخير عذابهم لغفلته تعالى عن أعمالهم المسببة للعذاب.