مكية، مائة وخمس وثلاثون، ألف وثلاثمائة وإحدى وأربعون، خمسة آلاف ومائتان اثنان وأربعون
طه (١) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢) . أي لتتعب بالمبالغة في محاورة الطغاة، وفرط التأسف على كفرهم، أو لتهلك نفسك بالعبادة وبكثرة الرياضة، وما بعثت إلا بالحنيفية السمحة، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (٣) ، أي ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب في تبليغه، ولكن تذكرة لمن يسلم. تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (٤) ، منصوب على المدح والاختصاص، أو منصوب ب «يخشى» مفعولا به أي أمدح تكليما من الله، أو أنزل الله القرآن تذكرة لمن يخشى، تكليم الله تعالى. الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥) أي الرحمن أوجد الكائنات، ودبر أمرها فالاستواء على العرش، مجاز عن الملك والسلطان، متفرع على الكناية فيمن يجوز عليه القعود على السرير، يقال: استوى فلان على سرير الملك، ويراد بهذا القول صار فلان ملكا، وإن لم يقعد على السرير أصلا. والمراد هنا بيان تعلّق إرادته تعالى بإيجاد الكائنات، وتدبير أمرها.
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، سواء كان فيهما جزءا منهما، أو حالا فيهما. وَما بَيْنَهُما، من الموجودات الكائنة في الجوّ دائما كالهواء، والسحاب، أو أكثريا كالطير وَما تَحْتَ الثَّرى (٦) ، أي والذي تحت الأرض السابعة السفلى، لأن الأرضين على ظهر الحوت، والحوت على الماء والماء على صخرة خضراء، فخضرة السماء منها والصخرة، على قرني ثور، والثور على الثرى، وهو التراب الندي، ولا يعلم ما تحته إلا الله أي أنه تعالى مالك لهده الأقسام الأربعة، تصرفا وإيجادا وإعداما، وإحياء، وإماتة. وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ، أي وإن تجهر بذكره تعالى ودعائه، فاعلم أنه تعالى غني عن جهرك. فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (٧) أي لأنه يعلم ما أسررته إلى غيرك في خفاء، وما أخطرته ببالك من غير أن تتفوه به أصلا. وهذا إما نهي عن الجهر وإما إرشاد للعباد إلى أن الجهر ليس لإسماعه تعالى، بل لغرض آخر كحضور القلب ودفع الشواغل، والوسوسة: اللَّهُ، أي ذلك الموصوف بصفات الكمال، هو الله لا إله إلا هو، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ.