عليه. أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) ينظر بهما وَلِساناً ينطق به وَشَفَتَيْنِ (٩) يستر بهما فاه وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) أي بيّنا له الطريقين: طريق الخير، والشر، أو دللناه على الثديين لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه، فإن الله تعالى هدى الطفل الصغير إلى الثديين حتى ارتضعهما
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) أي فهلا تلبس من أنفق ماله بمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البر، أو فلم يشكر تلك النعم الجليلة بتحصيل الأعمال الصالحة، وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) أي أي شيء أعلمك ما الدخول في صعاب الطريق فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أي هي إعتاق رقبة، أو إعطاء مكاتب ما يصرفه إلى جهة فكاك نفسه، أو تخليص شخص من قود، أو غرم، أو فك المرء رقبة نفسه باجتناب المعاصي وفعل الطاعات التي يصير بها إلى الجنة ويتخلص بها من النار، فهذه هي الحرية الكبرى أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) أي مجاعة يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أي ذا قرابة أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) أي ذا افتقار كأنه لصق بالتراب من ضره، فليس فوقه ما يستره، ولا تحته ما يفرشه.
قرأ نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة بصيغة المصدر في «فك» و «إطعام» وهو خبر مبتدأ محذوف، والباقون بصيغة الفعل فيهما على الإبدال من «اقتحم» المنفي بلا كأنه قيل:
فلا فك رقبة ولا أطعم فلا مكررة في المعنى، فلا يقال: إن لا لا تدخل على الماضي إلا مكررة، ثُمَّ كانَ أي مكتسب الطاعات داخل الأمور الصعاب مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ أي أوصى بعضهم بعضا بالصبر على أداء الطاعات وعلى المرازي، وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أي بالرحمة على عباده فقوله: وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ إشارة إلى التعظيم لأمر الله وقوله: وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ إشارة إلى الشفقة على خلق الله ومدار أمر الطاعات ليس إلا على هذين الأصلين فإن الأصل في التصوف أمران صدق مع الحق، وخلق مع الخلق أُولئِكَ أي الموصوفون بتلك الصفة أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) أي الجانب الذي فيه البركة والنجاة من كل هلكة، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا أي بما نصبناه دليلا على الحق من كتاب وحجة هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) أي الخصلة المكسبة للحرمان عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠) أي مطبقة فلا يخرجون منها أبدا. قرأ أبو عمرو، وحفص، وحمزة بالهمزة، والباقون بواو ساكنة.