للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٢٠) أي ما هم إلا يكذبون في ذلك القول، وهو قولهم: الملائكة بنات الله، وأن الله قد شاء منا عبادتنا إياهم بمشيئة الارتضاء

أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) أي هل وجدوا ذلك الباطل في كتاب منزل قبل القرآن حتى جاز لهم أن يتمسكوا به، بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) أي لم يأتوا بحجة عقلية، أو نقلية، بل اعترفوا بتقليد آبائهم الجهلة، وقالوا: إنا وجدنا آباءنا على حالة عظيمة تقصد، وإنا مهتدون على أعمالهم وَكَذلِكَ أي والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتمسكهم بالتقليد. ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها أي ما أرسلنا نبيا مخوفا من قبلك إلى أهل قرية إلا قال من يحبون الشهوات والملاهي ويبغضون تحمل المشاق في طلب الحق قولا مثل قول قومك: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ أي على طريقة تستحق أن تقصد، وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ أي أعمالهم مُقْتَدُونَ (٢٣) قل: يا أشرف الرسل لقومك، قال أبو السعود صيغة الأمر أمر ماض متعلق بالنذير السابق، حكاه الله لنبيه على تقدير «فقلنا له قل» لا أنه خطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويدل على ذلك أنه قرأ ابن عامر وحفص «قال» بصيغة الماضي أي قال كل نذير لأممهم: أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ أي أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم بدين أوضح في الدلالة من دين آبائكم قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤) أي قال: إنّا كل أمة لنذيرها ثابتون على دين آبائنا وان جئتنا بما هو أصوب، فإنّا بما أرسلت به منكرون وإن كان ما جئتنا به أوضح مما كنا عليه. فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ بالاستئصال فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥) بالرسل من الأمم الماضية فلا تكترث بتكذيب قومك، وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزر وَقَوْمِهِ المكبين على التقليد إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي أي أنني براء من آلهة تعبدونها غير الذي خلقني، وبراء مصدر، نعت به مبالغة وقرأ الزعفراني، وابن المنادي بضم الباء، وقرأ الأعمش إني بريء بنون واحدة وبصيغة اسم الفاعل. فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) أي يثبتني على الهداية، والسين للتأكيد، وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ أي وجعل إبراهيم كلمة التوحيد التي تكلم بها كلمة باقية في ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله تعالى ويدعو إلى توحيده، فقوله عليه السلام:

إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ جار مجرى لا إله إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي جار مجرى إلّا الله، فكان مجموع قوله: إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي جاريا مجرى قوله: لا إله إلّا الله، وعلى هذا لا يوقف على قوله: مِمَّا تَعْبُدُونَ وقرئ «كلمة» و «في عقبه» بسكون اللام وسكون القاف.

لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) أي لعل من أشرك منهم يرجع بدعاء من وحّد منهم، بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ أي بل متعت منهم أهل مكة، وَآباءَهُمْ بطول العمر وسعة الرزق حتى شغلهم ذلك عن كلمة التوحيد حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ أي القرآن وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) أي ظاهر الرسالة يوضحها بما معه من الآيات والمعجزات فكذبوا به وسموه ساحرا وما جاء به سحرا ولذا قال تعالى: وَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>