مكية، سبع عشرة آية، اثنتان وسبعون كلمة، مائتان وواحد وسبعون حرفا
وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) أي الظاهر في الليل وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) أي وأي شيء أعلمك يا أشرف الرسل ما الطارق قال سفيان بن عيينة: كل شيء في القرآن ما أدراك فقد أخبر الله الرسول به، وكل شيء فيه وما يدريك لم يخبره به النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) خبر مبتدأ محذوف والجملة استئناف وقع جوابا عن استفهام أي هو النجم المضيء في الغاية كأنه يثقب الأفلاك بضوئه، وينفذ فيها قيل: هو النجم الذي يقال له كوكب الصبح، وهو النجم الذي يهتدى به في ظلمات البر والبحر، ويوقف به على أوقات الأمطار، أو هو جنس الشهب الذي يرجم بها، ووصف النجم بكونه طارقا لأنه يبدو بالليل أو لأنه يطرق الجني أن يصكه، وقال محمد بن الحسين، والفراء: إنه زحل لأنه يثقب بنوره سمك سبع سموات، وقال ابن زيد: هو الثريا، وقال ابن عباس: هو الجدي، وقال علي: هو نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها، ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة، وهو زحل، فهو طارق حين ينزل وحين يصعد، وقال آخرون: إنه الشهب التي يرجم بها الشياطين لقوله تعالى: فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ [الصافات: ١٠]
روي أن أبا طالب أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم بخبز ولبن، فبينما هو جالس يأكل إذ انحط نجم فامتلأت الأرض نورا ففزع أبو طالب، وقال: أي شيء هذا؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«هذا نجم رمي به وهو آية من آيات الله» فعجب أبو طالب، فنزلت هذه السورة
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤) ، وهذا جواب للقسم، و «إن» نافية و «لما» بمعنى إلا، أي ما كل نفس إلا عليها رقيب، وهو الله تعالى وهذا بالتشديد على قراءة عاصم، وحمزة، وابن عامر، والنخعي أما على قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، ونافع، والكسائي، وهي بتخفيف الميم ف «إن» مخففة من الثقيلة واللام في «لما» مخلصة من «إن» النافية وما صلة أي إن الشأن كل نفس برة أو فاجرة لعليها من يحصي عليها ما تكسب من خير وشر وهم الملائكة. فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ أبو طالب وغيره مِمَّ خُلِقَ (٥) أي من أي شيء خلق نفسه خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) ، وهو استئناف وقع جوابا عن استفهام أي خلق الإنسان من ماء ذي سيلان بسرعة في رحم المرأة يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧)